بين العضوية الدائمة في مجلس الأمن وفي وجدان البشرية
بين العضوية الدائمة في مجلس الأمن وفي وجدان البشرية

ناقوس في أحد - تعليق على الاحداث مع رشيد درباس - Monday, April 22, 2024 11:54:00 AM

النقيب السابق للمحامين في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس
 
تجاوزت تكلفة إسقاط المسيّرات الإيرانية والصواريخ قبل وصولها إلى أهدافها، مبلغ مليار دولار أمريكي بحسب أقوال الخبراء، إضافة إلى الاسهام الجوهري للقوات الأميركية والبريطانية والفرنسية؛ ويؤخذ أيضاً بعين الاعتبار الوقت الطويل الممتد بين الإطلاق والوصول، والمشاورات المستمرة بين ايران والولايات المتحدة. كنا إذا حيال اشتباك فضائي باهظ، بغض النظر عن عدم فداحة النتائج.
 
صباح الجمعة الماضية، أطلقت اسرائيل باتجاه مطار أصفهان رشقات ما زالت تراوح بين التأكيد والنفي، من غير أن يؤدي الأمر إلى حدوث ما لا تحمد عقباه. خلاصة هذا، أنه وبعكس ما تزعم إسرائيل بأنها قوة لا تجارى ولا تقهر، فإن التجرية أثبتت انها ليست بمنأى عن الخطر، رغم ترسانتها المتطورة، والدعم الحليف، حيث راحت أسلحة الفقراء البخسة الثمن تشكل تهديداً ملموساً عليها؛ وعلى ذلك فإن تباهي نتنياهو بالتصدي، ليس مؤشراً على الاطمئنان، بل هو من قبيل تقابل الاستعراضات التي يحرص الطرفان مع الوسيط غير النزيه على ابقائها في حدودها الكلامية، دون الانزلاق إلى الحرب الشاملة.
 
إن إسرائيل التي تدمّر غزّة والضفة، تتسلى يومياً بالاعتداء على سوريا، وباستهداف مراكز إيرانية، وقادة مرموقين، فلماّ جاوزت حدّها، طفا إلى السطح احتمال حدوث اشتباك جدّي، لم تسمح به أميركا، بل سارعت الى تهدئة روع الإيرانيين، والإسرائيليين معاً، لأنها لا تريد لمصالحها أن تتضرر في الشرق الأوسط. كما أنها لا تستسيغ أن يؤدي الانفجار إلى التأثير على العملية الانتخابية الرئاسية. يا لهذا الدور الأميركي المسجّل في وجدان التاريخ الذي يرعى المصالح الإنسانية للشعوب منذ عهود الهنود الحمر، مروراً بفيتنام، وصولاً إلى شعب فلسطين الذي كلما تعرّض لجولة من جولات الإبادة أدارت الولايات المتحدة اسطوانة الدولتين بالتوازي مع جسور جوية وبحرية لتذخير إسرائيل بأحدث وسائل القتل، من غير أن تتمكن من فتح معبر واحد لسد بعض جوع مئات الآلاف من أهل غزة.
 
يوم الخميس الماضي، اجتمع مجلس الأمن لمناقشة طلب الجزائر لإقرار الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، فنال الاقتراح اثني عشر صوتاً، ولكنه سقط باعتراض الدولة الدائمة العضوية الولايات المتحدة الأميركية. كنت أتابع الاجتماع من خلال الشاشة، وسمعت المندوب الأميركي يقول: بأنه اعترض على المشروع لأنه، ويا للفصاحة، مع حل الدولتين، فأي منطق هذا وأية صفاقه بل كيف للمجتمع الدولي أن يبتلع مثل هذه الأكذوبة التي لا تعني إلا حل فلسطين عن الجغرافيا، وليس حل الدولتين عن الجغرافيا، وفك الفلسطيين عن نقاء الدولة اليهودية.
 
نعم.. إن الولايات المتحدة دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولها حق النقض لأنها المنتصرة في الحرب الكونية الثانية، وهي تستطيع بصوتها المنفرد أن ترسل أصوات دول الأمم المتحدة كلها إلى سلة النفايات.
 
لقد سوّغت لنفسها في الماضي الحق بضرب اليابان بالسلاح النووي، وسوّغت لإسرائيل ضرب فلسطين بقرن من السنين الفاجرة، وتبوأت مركزها المهاب في القوة والاقتصاد والدبلوماسية ولعبت دور الوسيط الحنون بين ربيبها القاتل، والمقتولين، واتخذت من خلافات العرب منصة المرجعية، واستثمرت في نزاعات الخليج، حتى اتخمته بالسلاح الفادح الأثمان، المنزوع الفعالية، بالاضافة إلى القلق الذي عشش في النفوس، فبدلاً من أن تكون هذه المنطقة الاستراتيجية الغنية من العالم موئل سلام وتنمية وتعويض لأهلها عن شقاء قرون من الزمن، صارت سماؤها ملعباً للصوايخ، وأرضها مدى للقبور، ومضائقها عسر ملاحة بعدما كانت يسراً للمرور البرىء.
 
إن الولايات المتحدة ، دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولكن فلسطين دولة دائمة العضوية في وجدان البشرية.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني