خنقتها دموعها ثم خانتها، لم تستطع أن تتحدث فاعتذرت بكلمات ممزوجة بأعظم ألم في العالم، ألم لا اسم له، "ألم فقدان الأم لولدها"، وهل من توصيف يحصر حجم هذا الألم بالتحديد؟!
هي نهاد، والدة الشهيد جو عقيقي، هي المربية العظيمة التي أمضت عمرها تتعب حتى تكبر الأجيال، هي تلك السيدة التي عاشت تحلم أن ترى ابنها عريسا وتربي اولاده، وانتهت بها قصة الحب العظيمة هذه بالبكاء على ضريح ابنها، شهيد ظلم لا حدود له، فزفته عريسا في أحضان الله.
موقع vdlnews تواصل مع السيدة نهاد، ولكن وبكل رقي واحترام ورقة وحرقة، اعتذرت! لم تتمكن من الكلام، ضاعت منها الكلمات، وبعد تنهيدة عميقة قالت: "بعتذر، بس مش عم بحمل ارجع عيد الحكي، هيدا نهار بتعب، بدي قلو happy..."، وصمتت، وبالطبع سيخونها الكلام، فماذا يمكن ان تقول لفلذة كبدها وهو غائب؟ هل تقول له "عقبال المية"؟ أم تقول "ينعاد عليك"؟ هل تتمنى له ان تتحق احلامه؟! فعلا من حق كلماتها ان تموت مع حبيب قلبها!
هذه الأم المفجوعة، اكتفت بنشر فيديو يحتوي على صور لجو عبر فيسبوك وأرفقته بعبارة "عقبال المية مع يسوع"، فحملت بعبارتها ايمان الدنيا الذي يصبرها على فراق الغالي وضمت ذكراه بقوة الى قلبها...
بعد أسابيع قليلة تعود تلك الذكرى المشؤومة. أيام تفصلنا عن ذكرى آخر يوم في حياة العاصمة وأبنائها... الرابع من آب الذي قتلنا جميعا.
تكاد تمر سنة، عام بأكمله لم ينصف فيه أي من الشهداء، هم رحلوا الى أحضان الخالق العادل والمنصف، الى أحضان أكبر حب على الاطلاق، ونحن بقينا هنا، نضم ما بقي من حاجياتهم، نبحث عن ذيل رائحة عالقة على ملابسهم علّ الرائحة تحيي الذكريات والذكريات تحيي من غابوا.
سنة كاملة وهؤلاء الأهالي ينتظرون العدالة "للغوالي"، ولكن في هذا البلد، وبعد عام من الفراق بدلا من العدل ضربوا واعتدي عليهم. هكذا ينصف الشهيد واهله في بلادي وهكذا تكون الرحمة...
وحتى اللقاء الأخير في أحضان الله، لا يبقى لنا الا الرجاء والصلاة والحلم بلقاء مهما طال انتظاره سيأتي!...
"عقبال المية مع يسوع جو عقيقي"... المسيح قام!