خطّة الحكومة "الانعاشية": حذار تسخيف الأزمة
خطّة الحكومة "الانعاشية": حذار تسخيف الأزمة

خاص - Wednesday, March 25, 2020 5:43:00 PM

ساهم طيف فيروس "كورونا" الذي هبط ثقيلا على لبنان في منح الاطراف السياسية وقتا مستقطعا تحاول الافادة منه في عملية "تبييض الصفحة" و"تلميع الصورة"، فيما يترك لمجلس الوزراء عبء مواجهة الفيروس الصحي، ومجموعة الفيروسات التي أودت بنا الى القاع الاقتصادي اليوم.

تواجه حكومة حسان دياب وحيدة، أزمتين من الأخطر في تاريخ البلاد. وهي تحاول القيام بما أمكن، فالفيروس التاجي ضرب بلدا منهارا اساسا في دورته الاقتصادية، ويعاني نزفا في بنيته التحتية، ناهيك عن الكارثة المتمثلة بالهوّة الفائقة بين اغنيائه وهم قلّة وفقرائه وهم الغالبية، والأزمة المتجليّة بغياب محقّ لثقة الشعب بالسلطة الحاكمة –كائنة من كانت-.

بالأمس وبعد أكثر من شهر على دخول نفق "كوفيد 19"، وبعد مجموعة من الاشارات الخجولة الى خطوات تتحضّر الحكومة لاتخاذها على مستوى الأزمة المعيشية المترافقة مع التعبئة العامة الصحية، أعلنت الحكومة عن سلسلة من الخطوات لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين.

خصّصت السلطات اللبنانية اذا، مبلغا يفوق الـ 15 مليار ليرة لتأمين حصص غذائية لاكثر من مئة الف عائلة على شكل سلتين، واحدة غذائية وأخرى للتعقيم والتنظيف وقيمة السلتين 180 الف ليرة. أمّا الآلية، فمتمثّلة بالاعتماد على جمع "داتا" من مصادر عدّة- طبعا لغياب الارقام الرسمية والاحصاءات الدقيقة في هذا الاطار لا سيما وأن آخر الاحصاءات الرسمية يعود الى سنتين على الاقل وقد تغيّرت المعطيات كثيرا في الاشهر الاخيرة-. وبالنسبة الى التنفيذ، فسيتم عبر البلديات والمجالس الاختيارية بإشراف مراكز الخدمات الانمائية وفروعها والجيش اللبناني.

حسنا. تحاول الحكومة اذا اتخاذ عدد من القرارات لتخفيف وطأة المصيبة عن اللبنانيين، ولكن هل يكفي "شرف المحاولة"، في أيامنا هذه؟

اتخذت الحكومة اللبنانية اذا اوّل خطوة في مسار الألف ميل المطلوب. بدأت بموضوع الحصص "الاعاشية"، على طريقة الجمعيات الأهلية. ولا بأس.

ولكن ربط الفقر بالغذاء، ليس الّا تسخيفا للأزمة. فالجوع شكل متطرف من اشكال الفقر الذي هو يرتبط بالحاجات الاساسية من سكن وخدمات ورعاية صحية وتعليم وغيره... والخطة التي تستهدف 100 ألف شخص، تتناسى نصف الشعب الذي بات في عداد الفقراء.

وهذا ما نتحدّث عنه عمليا. اجراءات تحمي هذه الشريحة بأكملها.

اشار رئيس الحكومة في جلسة الأمس الى اتخاذ قرارات في كل وزارة لتعليق كل المهل المالية وتأجيل دفع الرسوم والضرائب المتعلقة بالكهرباء والمياه والهواتف والضمان والميكانيك والعدلية، على ان يتم اتخاذ القرارات في هذا الاطار في جلسات لاحقة.

ولكن ولأننا اساسا دولة مهترئة، ولنفترض أن الدولة اللبنانية اتخذت قرارا بتعليق دفع فاتورة الكهرباء، من يدفع مثلا فاتورة الاشتراك؟ وإن اتخذت الدولة قرارا بتعليق دفع فواتير المياه، من يدفع فاتورة الصهاريج؟ من يدفع اشتراك الانترنت (من شركات خاصة) و"الدش" مثلا وهي اليوم من اساسيات العيش في ظلّ الحجر المنزلي والعمل من المنزل؟ هل سيكفي نصف الراتب في احسن الاحوال؟ والى متى تكفي المدخرات ان وجدت وكانت غير محتجزة في المصارف؟ ماذا ان اصاب أحدنا مرضا غير كورونا، من يضمن تلقيه العناية الصحية وشراء الدواء؟ ناهيك عن مراكمة الفواتير؟

لماذا لم يتمّ اللجوء مثلا الى توزيع مساعدات مادية بطريقة مدروسة؟

صحيح ان الحكومة تواجه وحيدة أزمتين خطيرتين ومصيريتين. وصحيح أنها تحمل على عاتقها عبء ما خلّفته سابقاتها من اخفاقات لا بل من فشل ذريع. صحيح أنها من بين الانشط. صحيح أنها تحاول، لكنّ اي ثغرة اليوم في الاقتصاد والصحة، ثغرة "قاتلة".. وشرف المحاولة لا يكفي.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني