أصبح عندي الآن.. حكومة!
أصبح عندي الآن.. حكومة!

خاص - Sunday, September 19, 2021 7:39:00 AM

النقيب السابق لمحامي الشمال، الوزير السابق رشيد درباس

 

صار حديثي الأسبوعي معكم شغفاً وقلقاً، ذلك أن هذا الموعد عندي طقس صباحي عائلي، فلا يبدأ يوم الأحد إلا بعد أن يدق "ناقوسٌ في أحد" عبر "صوت كل لبنان"، ولا ينطلق إلا بعد استقبال أصدائه على أنواعها، أما القلق فهو شعور ملازم منذ كنت تلميذاً أعاني من تأخري في إتمام الفرض الذي علي أن أؤديه إلى المعلم أو المعلمة؛ ولأنكم نخب تفرض مهابتها، فإنني أسعى إلى إرضائكم في كل مرة بمقاربات مختارة مبتعدة عن الخطابة والوعظ، فما أنا إلا مستمع مثلكم، أنصت إلى إذاعة البرنامج بحيادية تامة وأشترك معكم في الحكم عليه، وأنتقل بعد ذلك للبحث عن موضوع آخر، كأنه كُتب علي أن أظل على قلقي ذاك من الأحد إلى الأحد، حتى إذا ساورتني نفسي أن أحصل على إجازة مؤقتة، أنَّبتُها بالنيابة عنكم.

في الأسبوع الماضي ولدت الحكومة فآثرت الحديث عن انجيلا ميركل كنموذج ناجح لحكّام دول متقدمة، يمارسون عملهم ببساطة الإنسان العادي كرئيس وزراء هولندا مثلاً الذي يذهب إلى عمله ممتطياً دراجته كالسواد الأكبر من مواطنيه، وكذلك بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا.

وزراؤنا الجدد انتظرتهم كمائن، بعضها ظالم وبعضها مضحك، ولكن تلك الضريبة لا بد منها، يدفعها المسؤول راضياً أم غاضباً، لأن الذي يعتلي السدّة تُحصى عليه أنفاسه وكلماته ودمعاته، وهفواته، رغم أنّ وزير الشؤون الاجتماعية كان ضحية حديث قديم كما قيل لي، أعيد انتاجه للإيحاء بأنه كان يعلن برنامجه في عمله الوزاري، فيما كان في الواقع يتكلم كناشط بيئي قبل أن يدور في خلده أنه سيكون وزيراً.

أما الدعوة إلى التشبّه بالضفادع الصماء كما قال وزير الاقتصاد، فأمر يدعوني إلى التريث ريثما يبلغني الطبيب النافع، إذا كان الصمم يصيب الضفادع رغم نقيقها الذي لا يتوقف.

ولو كنت أعلم شغف الوزراء بحكايات الأطفال لوجهتهم إلى دولافونتين وقصة الضفدعة التي سقطت من شاهق بعدما طارت بها الأوزتتان ونصحتاها بعد الكلام، ولكن النق طبع مفضٍ إلى التهلكة. ولكنت لفتهم أيضاً إلى أمير الشعراء أحمد شوقي، الذي روى لنا عندما شعر الملك الغراب أن عرش النخلة يتهاوى من تحته استشار الخادم ندور الذي حذّره من ذلك سابقاً، فلم يأبه، فأجابه ندور: أنا يا مولاي لا انظر في هذي الأمور.

ولعل القصيدة الأجمل تلك التي مطلعها:

الليث مَلْكُ القفارِ              

وما تضمُّ الصحاري

وفيها أيضاً:

لم يشعر الليث إلا.. ومُلْكُه في دمارِ

القرد عند اليمين،

والكلب عند اليسارِ

والقط بين يديه

يلهو بعظمة فأر...

إلى آخر القصيدة وبيتها المعروف.

ولكن خلاصة القول، أنه أصبح عندي الآن.. حكومة.. لا بندقية، فإذا لم تكن هناك محاسن لها سوى ذلك لجاز الآن أن نتخطى زلات مخضرم لا ينبغي له أن يزل، فالمسامح كريم، والوعد أن نحصل على المليون قائم إذا أحسنّا الإجابة، واستلهمنا مصالح الجمهور، او استعنّا بصديق عارف وغير غشاش.

هناك ارتياح معلّق على شروط ليست هيّنة، وبالتالي هناك فترة انتظار لنتبيّن بعدها أن القطار قد عاد إلى قضبانه بعد أن أدمن السير بلا ضوابط بين البيوت وفوق مصالح الدولة والمواطنين.

عاتبني الرئيس ميقاتي ضاحكاً لأنني أشدتُ ببعض الوزراء ولم أوفه حقّه، فأنتهزها فرصة لأقول له إن المسألة المطروحة الآن أن يوفينا حقّنا، وهذا ما ندب نفسه له، وما أدخله في دوامة المعادلات الكيميائية إلى أن طلع علينا بهذه الخلطة التي عليه ان يؤلف بين عناصرها بما أوتي من طول باع.

إنني لا أنكر انني تبانيت معه في السابق، ولكنني أنتهزها فرصة لأذكّره بأنه في العام 2000 أحرز أعَلى الأصوات في الدائرة الانتخابية التي ترشّح فيها، فغلب عليه الانفعال وبكى، فقلت له، يا أبا ماهر إن الناخبين لم يكافؤوك على ما انجزت، بل هم يعبّرون عما يأملون منك....

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني