بين انتخابات العراق ولبنان وتحقيقات المرفأ... ماذا وراء تصعيد حزب الله الكبير؟
بين انتخابات العراق ولبنان وتحقيقات المرفأ... ماذا وراء تصعيد حزب الله الكبير؟

خاص - Friday, October 15, 2021 12:09:00 PM

رفع أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله سقف خطابه عاليا بوجه المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار في كلمته المتلفزة الاخيرة. وخاطب نصر الله البيطار قائلاً: "هناك كارثة كبيرة سيذهب اليها البلد ان اكملت بهذه الطريقة"، واتهم نصر الله البيطار بانه مسيّس ومنحاز. ارتدادات هذا الخطاب كان وقعها كبيرا على البلاد، فوصلت الى السراي الحكومي ووضعت حكومة ميقاتي على حافة الهاوية، كذلك وصلت الى مستديرة الطيونة مخلّفة 7 قتلى وعشرات الجرحى وانذرت بفتنة طائفية دامية. فما سبب هذا التصعيد الكبير في هذا التوقيت وما الهدف منه؟

لم يعد خافيا على احد الارباك الذي ينتاب "الحزب" من الانتخابات النيابية المقبلة. فالخشية من خسارة الاكثرية النيابية في المجلس المقبل تزداد لديه يوما بعد يوم، لاسيما مع تراجع قوّة الحلفاء، ورياح التطورات السياسية المحلية والدولية تأتي في ما لا يشتيه.

غصّت الاسابيع القليلة الماضية بعوائق عديدة تقف بوجه حزب الله وقد تحول دون ان يتمكن من حصد الاكثرية النيابية التي تخوّله الاستمرار برسم الخارطة السياسية للبلاد وترسيخ المعادلات التي تصب في مصلحته وتؤمن استمراريته وشرعيته.

تقلقل حزب الله من موضوع انتخاب المغتربين الذي شكّل مادة دسمة في الآونة الاخيرة، ورفض الحزب السير به لاعتبارات عدة.

واعترض حزب الله على مشاركة المغتربين في الانتخابات اعتباراً منه ان هناك غيابا في تكافؤ الفرص في الخارج بظل الحظر المفروض عليه في عدد من الدول نتيجة العقوبات المفروضة عليه، اذ يصعب على "الحزب" تنظيم الحملات الانتخابية وحرية الحركة، في حين ان القوى اللبنانية الأخرى تملك مساحة واسعة للتحرك والتعبئة في اوساط المغتربين ما يضرب مبدأ المساواة والعدالة في الانتخابات، برأي الحزب.

الا انه ما لبث ان عاد وتراجع عن موقفه الرافض هذا، اما لارضاء حليفه التيار الوطني الحر الذي يبدي حماسة ورغبة شديدة لمشاركة المغتربين بالانتخابات او حرصا على عدم ازعاجه والظهور امام الرأي العام بالمعرقل الاساسي لمشاركتهم.

وعلى صعيد الداخل اللبناني، فإن هواجس عديدة تعتري حزب الله من نتائج انتخابات الـ2022 البرلمانية وما قد ينتج عنها. فقد حصد حزب الله مع حلفائه في انتخابات العام 2018 اكثرية نيابية مكّنته من ايصال الرئيس ميشال عون الى سدة الرئاسة واقرار قانون انتخابي قائم على النسبية واعطته مكانة وارجحية في مختلف القرارات المصيرية التي اتخذت في هذه المرحلة.

هذه الاكثرية النيابية مُهددة بالسقوط في دورة الـ2022 لاسباب عدة يمكن اختصارها بالاتي:

1- تراجع شعبية التيار الوطني الحر في مختلف المناطق المسيحية وانسحاب عدد من النواب من تكتل لبنان القوي وعزمهم على الترشح بوجهه في الدورة المقبلة، الامر الذي سيؤدي حتما الى انخفاض في عدد نوابه.

2- النقمة الشعبية الكبيرة على الطبقة السياسية الحاكمة نتيجة التراكمات والازمات والنكبات التي شهدها لبنان منذ سنة 2019 حتى اليوم واستطلاعات الرأي التي ترجّح حدوث تبدل في خريطة البرلمان ودخول وجوه عديدة من المجتمع المدني اليه المناهض بغالبه للحزب ومنه من هو من الطائفة الشيعية ومن البيئة القريبة لحزب الله.

كذلك وطأة الانتخابات العراقية النيابية لم تكن سهلة على ايران وحزب الله.

فقد سجّلت الانتخابات العراقية مفاجآت كثيرة، اذ تصدر التيار الصدري الانتخابات حاصدا 73 مقعدا، فيما سجّل تحالف "الفتح" الذي يضم "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق" وممثلين عن جماعات الحشد الشعبي الحليف لإيران تراجعاً كبيراً، فحصل على 14 مقعداً مقابل على 48 مقعداً في الدورة السابقة، فضلاً عن عدم حصوله على مقعد واحد في مدينة النجف مركز التشييع في العالم فضلاً عن محافظات المثنى وذي قار.

وندد عدد من الاحزاب العراقية بنتائج الانتخابات واعلنوا انهم سيطعنون بها، كما لوّح بعضها باستخدام السلاح. كما نقلت "رويترز" عن دبلوماسي ان "قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني كان في بغداد لحظة اعلان النتائج الاولية ولا يزال يفتش في جعبته عن وسيلة للاحتفاظ بالسلطة في ايدي حلفاء طهران".

وعلى صعيد التحقيق في قضية تفجير مرفأ بيروت، اصبح واضحاً ان التصعيد الكبير الذي يقوم به حزب الله واصراره على تنحية القاضي بيطار عن ملف التحقيق، يعود الى خشيته الكبيرة من أن تأتي نتائج التحقيق على حسابه وتحمّله مسؤولية التفجير عشية الانتخابات. فهكذا اتهام من شأنه ان يوّلد نقمة شعبية ضخمة ضده في الداخل والخارج قد تترجم في صناديق الاقتراع ويقع "المحظور" الذي يهابه الحزب، وقد يعطي المجتمع الدولي زخما اكبر في حملته القائمة على "الحزب" لاضاعفه واخراج لبنان من تحت عباءته.

وما يغيظ حزب الله اكثر، هو تناغم موقف رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر في قضية تنحية البيطار عن موقفه، اذ انهما يرفضان اقالة المحقق ويدعمانه، ما يحشر موقف حزب الله و"يعرّيه مسيحيا" في هذه القضية.

كل هذه العوامل تحشر حزب الله وتدفعه الى اتخاذ قرارات حازمة وتصرفات غير مألوفة لانه لن يسمح لاحد بالحد من نفوذه او بوضعه في موقف الضعيف في ظل مرحلة بلغت قوته فيها وسيطرته على البلاد ذروتها واتى اليوم الذي سيحصد فيه ما زرعه على مدى سنوات، والمازوت الايراني وزيارة وزير الخارجية الايراني وعروض الطاقة واعادة اعمار المرفأ ما هي الا خير دليل على ذلك.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني