أزمة تتهدّد المتعاقدين مع الشؤون.. فقراء جامعيون "رضيوا بالهمّ والهمّ ما رضي فيهن"
أزمة تتهدّد المتعاقدين مع الشؤون.. فقراء جامعيون "رضيوا بالهمّ والهمّ ما رضي فيهن"

خاص - Tuesday, April 7, 2020 11:09:00 AM

لا للتوظيف في الدولة اللبنانية. نقص كبير في عدد العاملين في وزارة الشؤون الإجتماعية، وأعداد المتقاعدين تزداد يوماً بعد يوم لتُصبح مراكز الخدمات التابعة لوزارة الشؤون الإجتماعية شبه مهجورة لولا موظفو البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً الذي بدأ بتاريخ ٢٠١٠ مع عدد ملائم لموظفين كفوئين من حَمَلَة الشهادات العليا (من مختلف الطوائف والسياسات والمناطق تطمعهم شهاداتهم وغيرتهم على العمل الاجتماعي لا غير)...

نعم هؤلاء المتعاقدون الذين بذلوا وما زالوا يبذلون كلّ الجهد ويقع على عاتقهم العمل في المراكز خاصة وأنهم يحملون شهادات تخصُّص بعكس أكثرية الموظفين القديمين الثابتين التي باتت همّتهم في العمل ضعيفة... موظفون جامعيّون يرضون بعمل شبه يومي براتب يكاد يلامس الحد الأدنى يصلُهم كلّ ثلاث أشهر أو أكثر من دون أي تأمين صحي... يبادرون بهمة قوية للعمل في كلّ زمان ومكان، يعيشون المخاطر، يشاركون الفقير دمعتُه وحزنُه وسرُّه... فقراء جامعيون "رضيوا بالهمّ لكن الهمّ لمْ يرض بهم"... نعم... للأسف ها هي الدولة اللبنانية تعمل على اتخاذ واحد من أخطر القرارات وهو الاستغناء عن النخبة والاستغناء عن أكثر مشروع يفيد الطبقة المنسيّة...

يا ترى ماذا تريد الدولة اللبنانية؟ هل أن يبقى فيها فقط الموظفون غير الكفوئين؟ ماذا تريد؟ هل تريد دولتُنا أن تبقى مراكز الشؤون التابعة لها فارغة من الموظفين؟ ماذا تريد؟ هل هو عبء كبير هذا الراتب وهذا العدد القليل من الموظفين لطردهم دون رحمة وتشريد عائلاتهم في ظل هذا الوضع الحرج؟ هل هذا هو العبء؟...

تعالوا نفكر معاً... فلنتخيّل معاً أنّه تم الاستغناء عن موظفي البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً... مَن سيجرؤ من الثابتين أن يزور العائلات الفقيرة في أحيائها وزواريبها المُخيفة؟ مَن سيقضي ساعات من وقته مجاناً وهو يسمع لأم تبكي على ولدها؟ مَن سيقبل بعمل شبه مجاني؟ مَن سيخاطر بركوب سيارته لتكسيرها على طرقات شبه سالكة ومَن سيدفع البنزين من جيبه؟ كلنا نعلم أن الموظفين الموجودين الثابتين "أكَل الدهر عليهم وشرب" وهم بالكاد يهتمون بالفقير الزائر في المركز فهُم يطمئنون أنهم ثابتون في مراكزهم وبالكاد يهتمون... ومنهم من لامس عمرهم سن التقاعد، منهم من لا يحضر للدوام مع علم الدولة او دون علمها لا فرق لان المبلغ المحسوم سيكون فقط ٨٠٠٠ ليرة بدل نقل...

ماذا سيحصل في مراكز وزارة الشؤون المنتشرة على كافة الاراضي اللبنانية؟ من سيهتم بالفقير وهناك مراكز بالكاد فيها موظف واحد ثابت؟ هذا إن داوم...

مشكورة دولتنا تهتم بببلدنا العزيز وتهتم للحد من هدر المال العام... لكن هل هذا البرنامج هو الحل الأنسب؟ نحن جميعنا نعرف أين الثغرات وأين الحلول...

كيف نتخيّل حياة الفقير من دون البرنامج الوطني لدعم الاسر الاكثر فقراً؟ هذا البرنامج الذي بدأ منذ ٢٠١٠ وبكل مصداقية متابعة أحوال الناس ومساعدتهم من خلال تقديم البطاقة الاستشفائية التي خففت من عبء فواتير المستشفيات الحكومية منها والخاصة... من سيهتم بتسجيل التلاميذ في المدارس والثانويات في حال إلغاء هذا المشروع؟ مَن سيقدم بطاقة غذائية لـ ٤٤٠٠٠ عائلة؟ كل هذه المساعدات وأكثر كانت السند الوحيد للشعب اللبناني الذي بفضل هذا البرنامج أعاد ثقته بالدولة وبوزارة الشؤون... الفقير بفضل البطاقات لم يعد يخاف الموت على أبواب المستشفيات ولا ترك اولاده بلا دراسة... هذا الفقير الذي اصبح بإمكانه زيارة الطبيب في المستوصف دون أن يدفع بدل الاستشارة فقط لأنه يحمل البطاقة... كل هذا وأكثر بعد... ولا يجب أن ننسى أنّ البرنامج ومنذ بدايته يخضع لرقابة البنك الدولي كما أن موظفيه الذين تم اختيارهم بدقة سنة ٢٠١٠ خضعوا لرقابة شديدة من قبل منسقين ميدانيين وخضعوا لدورات تدريبية عدة من قبل اليونسيف والجمعيات والبنك الدولي والسفارات التي وضعت ثقتها في البرنامج...

اسألوا فقراء لبنان عن الخدمات فلن يذكروا سوى "برنامج الفقر" فهو الوحيد الذي لا يميز بين دين وآخر ولا طائفة من أخرى... لا يميّز منطقة عن منطقة ولا حزب سياسي عن آخر... هذا البرنامج الوحيد الذي تم إنشاؤه للجميع.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني