العالم "يُعصَر" في ورشة... والبشر متفرجون يعانون!
العالم "يُعصَر" في ورشة... والبشر متفرجون يعانون!

خاص - Wednesday, April 8, 2020 9:47:00 AM

كريم حسامي

تتذكّرون عندما قال مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون ان "أميركا ستعصر إيران بقوة عبر العقوبات"، ها هو العالم يُعصَر بكورونا، ويُعاد رسمه.

فالعالم يحتاج لورشة طويلة ومهلكة جداً تستوجب التغيير بنحو عميق يشمل اقتلاع امور عدة من جذورها ورميها او اعادة النظر في تكوينها. هذه الورشة التي بدأت قبل الفيروس وتعمّقت خلاله، ستتسبّب بمعاناة غالبية الجماهير.

في السياق، خلقَ كورونا تهميشاً أكبر بين الناس، حيث أصبح غير المريض يرى المريض بنظرة مختلفة، حتّى لو شُفي. واحتمالات إصابة الناس من الطبقة الفقيرة والوسطى بالعدوى أكبر بكثير من الأغنياء، ما رسّخ الانقسام الاجتماعي أكثر ممّا كان عليه سابقاً.

وأزمة الفيروس سمحَت لشركات التكنولوجيا مثل "غوغل" بإرسال بيانات عن مواقع مستخدميها حول العالم للحكومات، من أجل قياس مدى فعّالية إجراءات التباعد الاجتماعي المفروضة لمكافحة كورونا. وهنا، يمكن إدراك مدى خطورة نظام حياتنا الجديد.

فهذه هي الطريقة العبقرية لإقناع الرأي العام بصوابية الاجراءات المتخذة، حتى لو كانت مشددة، فالفيروس يُعدّل بطريقة تفكير المرء حتى لو كان غير مقتنع. 

يصبح الانسان مضطراً لاتباع التعليمات القاسية لأنّ الفيروس سينتشر بنحو أسرع ويقتل عدد أكبر من العالم في حال مخالفة التعليمات التي تُفرض بالقوة. ولا خيار لنا سِوى الالتزام... إلا إذا أردنا من الموت ان يفتك بنا! لذلك، تُحمّل حكومات العالم شعوبها مسؤولية تطور الفيروس عبر التوجّه إليهم بالقول: "أنتم المسؤولون والأمور تتوقف عليكم... في حال أردتم التخلص منه التزموا بيوتكم أو تقع الكارثة"، في حين أن لا همّ لهذه الشعوب إلّا العمل للعيش.

لذلك، نرى مزيجا من الخطوات والاجراءات تُطبّق للمرة الأولى في الدول منها:

- تحليق الطائرات المُسيّرة واللحاق بالمخالفين داخل سياراتهم او عند سيرهم على الطرقات، لسؤالهم عن وجهتهم وإذا كانت لأسباب ضرورية، مثلما يحصل في بريطانيا والأردن وغيرهما.

- إقامة حواجز ثابتة ومتحركة للمحافظة على منع التجوال عبر التأكد على وجهة الأشخاص وبطاقات هويتهم، فضلاً عن إعلان حال الطوارئ.

-نشر الجيش لفرض منع التجوال ومحاربة كورونا. في وقت أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، نشر ألف جندي أميركي ويتجه بعضهم إلى نيويورك، طالب الجيش الإسرائيلي من القيادة السياسية استلام ملف كورونا. إضافة الى إعلان الاتحاد الأوروبي، تشكيل فريق عمليات عسكرية في إطار إجراءات مكافحته.

- استخدام المبيدات في الشوارع والمتاجر ورشّ السيارات، وعزل مناطق عن بعضها ومنع تنقل الأفراد بينها الخ.

غير أن الأمر المُحيّر هو كيف لنا أن نقتنع بجدوى العزل ومنع التجوال في حين ان الناس يحق لها التبضّع وشراء المواد الأساسية من سوبرماركت يتجمّع فيه آخرون للغرض نفسه؟ فلا يوجد خطر في هذه الحالة أم ماذا؟

هذه الاجراءات تسمح ضمنياً بالتحكم بحركة المواطنين بنحو أكبر عبر تقييدها وحرية التنقل، والتصرف ببياناتهم بطريقة أسهل من السابق، تحت حجّة مقنعة بمحاربة فيروس لمنع تفشيه أكثر، بينما الحقيقة في مكان آخر حيث يتغيّر نظام حياتنا رويداً رويداً. 

وتُشكّل هذه الخطوات نوع من الصدمة للعالم يستوعبها تدريجاً لأنّ لا حيلة في يده، ما يؤدي إلى رسم الصورة المستقبلية من دون أي اعتراضات بعدما اقتنع البشر بالتغييرات تحت تأثير الخوف الذي يتركهم متفرجين على التغييرات من دون ان يكون لهم أي رأي فيها.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني