تمدّد داعش... صدّ قاعديّ وسدّ طالبانيّ
تمدّد داعش... صدّ قاعديّ وسدّ طالبانيّ

خاص - Saturday, December 4, 2021 1:02:00 PM

باتريك إيليّا أبي خليل


بعد هزيمته في العراق وسوريا عمد تنظيم داعش إلى تكثيف وجوده في أفغانستان تحت مسمّى ولاية خراسان، حيث شكّل الإنسحاب الأميركيّ منها متنفّساً لاحتقانه وخروجه من جحره للدع الهزارة الشيعة وطالبان الأفغانيّة.
يعود الصراع بين داعش والشيعة إلى انقسام أيديولوجيّ تاريخيّ وعوامل جيوسياسيّة مستجدّة، سيّما مع تولّي حزب الوحدة الإسلاميّ الشيعيّ مناصب بارزة في السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة منذ سقوط حكم طالبان عام 2001، ممّا ساهم في تعزيز العلاقات الأفغانيّة-الإيرانيّة حيث لعبت الأخيرة دوراً بارزاً عبر أذرعها المسلّحة في دكّ معاقل داعش في كلّ من سوريا والعراق، منها على سبيل المثال حزب الله اللّبنانيّ والحشد الشعبيّ العراقيّ ولواء الفاطميّون الأفغانيّ ...
أمّا طالبان، فيعمد تنظيم ولاية خرسان الداعشيّ إلى اتّهامها بالتخلّي عن مبادئها الأساسيّة ونهجها الأوّل حين تفاوضت مع الولايات المتّحدة الأميركيّة المُعتبر جيشها صليبيّاً محتلّاً في فكر داعش، كما وفي تعاملها مع الهزارة الذين يشكّلون حوالي 10% من سكان البلاد وأغلبهم من الشيعة ممّن تعتبرهم داعش، منذ أن تكوّنت نواتها في قالب جماعة التوحيد والجهاد في العراق، مرتدّين وقتالهم أولى من قتال الكافر الغربيّ.
بعكس طالبان الإسلاميّة القوميّة الوطنيّة، تسعى داعش إلى عولمة تنظيمها من خلال استهداف شيعة أفغانستان والدفع بتدخّل عسكريّ إيرانيّ لإعادة خلق مشهديّة الصراع الشيعيّ-السنيّ، فيستفيد منها فرعه الخراسانيّ لشدّ العصب المذهبيّ المتطرّف، وإبراز نفسه وريثاً حقيقيّاً لإرث الخلافة والإمارة الإسلاميّة العابرة للدول، واستقطاب المتشدّدين في طالبان والمجموعات القبليّة التي تنشط في مناطق الحدود الأفغانيّة-الباكستانيّة.
وفي بقعة جغرافية موازية، عمل تنظيم داعش على التوغّل في القارة السمراء التي يرى فيها أرضاً خصبة لانتشاره ومزاحمة تنظيم القاعدة المسيطر فيها هناك منذ عقود، حيث تمدّد التنظيمان بشكل لافت في بعض دول شمال وساحل أفريقيا ودول وسط وجنوب شرق القارة. وقد أخذ الصراع منحى استقطاب ولاءات القبائل وتناتش المناطق والتسابق على خريطة مناجم المعادن والذهب لتمويل عمليّاتهما وبسط سيطرتهما في هذ الدول، مستغلّين انعدام الأمن على الحدود الممتدّة بينها.
أمّا سيطرة جماعة الشباب الموزمبيقيّة التابعة لداعش على مدينة بالما الإستراتيجيّة في ساحل الموزمبيق، فتشكّل صفعة خطيرة في تمدّدها وتهديدها لاستثمارات عالميّة بعشرات مليارات الدولارات، إذ تختزن هذه المدينة منشآت غازية هائلة تعدّ من الأكبر في هذه القارة والتي من شأنها أن تنقل الموزمبيق من أفقر الدّول إلى نادي الدّول الأغنى في إفريقيا.
وأمام هذه المشهديّة، لا بدّ لنا من إلقاء الضوء على تصدّر فرنسا تاريخيّاً الدّول الغربيّة من حيث الإنتشار والنفوذ في أفريقيّا وانغماسها في تكوين تحالفات مع الحكومات المحليّة لمحاربة الإرهاب، فضلاً عن جهود الولايات المتّحدة الأميركيّة في هذا المجال في الشرق الأوسط وبعض الدول الأفريقيّة.
ولكن مع خلافاتهما المستجدّة على صدى صفقة الغواصات الأستراليّة، وتوجّه أنظارهما إلى تصاعد القوّة الصينيّة وإهمالهما لملفات دوليّة على حساب احتواء الصين سيّما المتعلّقة بالإرهاب الدوليّ، ما قد ينذر بتشريع الباب أمام صراع دام بين داعش والقاعدة بهدف السيطرة على الدول الضعيفة ووضع اليد على مواردها، في ما عدا الموزمبيق التي قد تصبح محطّ الأنظار في المستقبل القريب وثكنة عسكريّة للدول الكبرى الساعية لحماية مصالحها.

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني