باتريك إيليّا أبي خليل
في 29 تشرين الثاني 2021 إستؤنفت الجولة السابعة من المفاوضات غير المباشرة في فيينا لإحياء الإتّفاق النوويّ بعد توقّف دام خمسة أشهر. وكانت إدارة الرئيس الأميركيّ السابق دونالد ترامب قد انسحبت من صفقة الملف النوويّ في أيار 2018 وأعادت فرض عقوبات صارمة على إيران، مشترطة توسيع شروط التفاوض لتشمل برنامج إيران لتطوير الصواريخ البالستيّة ووقف دعم وتمويل حلفائها في الإقليميّين. وفي مقابل ذلك قيّدت إيران وصول الوكالة الدولية للطاقة الذريّة إلى منشآتها النوويّة وسرّعت من عمليّة تخصيب اليورانيوم.
بالنسبة لإيران، فإنّها تشترط رفعاً أمريكيّاً كاملاً للعقوبات قبل الدخول في مفاوضات مباشرة معها، وتصرّ على اقتصارها على الملف النوويّ فقط دون التدخّل في سياساتها الإقليميّة، مع مطالبة الولايات المتّحدة بدفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن انسحابها من الإتّفاق النوويّ قبل حوالي 3 أعوام وضمانات على عدم انسحابها من إتفاق جديد. الموقف الإيرانيّ المتشدّد يراهن على غياب الخيارات العسكريّة من الأولويّات الأميركيّة، محصّناً بموقف روسيّ وصينيّ داعم له.
في المقابل، يشترط الأميركيّون عودة إيران إلى التزاماتها الكاملة وفق اتفاق 2015 من دون رفع العقوبات عنها دفعة واحدة، مع تعديله ليشمل أيضاً برنامج إيران الصاروخيّ الباليستيّ ونشاطها الإقليميّ لاسيّما في العراق واليمن وسوريا ولبنان.
أمّا إسرائيل، فتتخوّف من المماطلة في المفاوضات ما قد يؤدّي إلى تقوية الموقف الإيرانيّ في ظلّ استمرار تقدّم إيران السريع في التخصيب. لذلك، فإنّها تطرح خياراً عسكريّاً لتنفيذ هجوم مستقبليّ حتى لو افتقد لدعم الولايات المتّحدة التي تنشط دبلوماسيّتها في إنجاز الإتّفاق، مخصّصة ميزانيّة بنحو 1.5 مليار دولار لاستخدامها في إعداد قوّاتها لضربة محتملة تستهدف البرنامج النوويّ الإيرانيّ وبرنامج تطوير الصواريخ الباليستيّة بمعزل عن نتائج الإتفاق. وفي كلّ الحالات فهي تستمرّ في استهداف منشآت إيران النوويّة بعمليات تخريب سواء بالتفجيرات أو اغتيال العلماء، وبشنّ هجمات على المواقع الإيرانية وأذرعها في سوريا.
في الخلاصة، إمّا يؤدّي فشل مفاوضات فيينا إلى تسريع وتيرة برنامج إيران النوويّ، وإلى رفع حدّة التوتّر في الإقليم خصوصاً في مضيق هرميز والعراق واليمن وسوريا ولبنان، الذيِ قد يشهد اضطربات داخليّة وتدهور اقتصاديّ أكبر وزعزعة استقرار سيّما على الحدود الجنوبيّة البريّة والبحريّة، في مقابل احتمال كبير بحصول ضربة إسرائيليّة خاطفة على منشآت إيران النوويّة.
أو قد تتوصّل الأطراف إلى صيغة تؤدّي إلى تعزيز السبل الدبلوماسيّة، حيث يتمّ التوصّل إلى اتّفاق يسمح للوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة بوقف جدول أعمال إيران النوويّة الحالي، من دون إلغائه، في مقابل تخفيف ملحوظ للعقوبات المفروضة على إيران عبر الإفراج عن بعض أصولها المجمّدة، والسماح لها بالوصول إلى مواردها واستثمارها بما ينعكس مكسباً اقتصاديّاً كبيراً.