رئيس وملائكة
رئيس وملائكة

خاص - Sunday, December 4, 2022 8:32:00 AM

النقيب السابق للمحامين في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس

 

واحد من نبلاء جيلنا وعقلائه، المثقف المناضل المحامي خالد شفيق لطفي ابن العائلة الصيداوية المسكونة بالوطنية والعروبة، فاجأني خبره في صفحة الوفيات، وقد كان مثابراً على مكالمتي صباح كل أحد كأحد شركاء مقالاتي الدائمين. كان يحدّثني بصوته الهادئ المرح الذي لا يخلو من حزن على ما آلت إليه أحوال السياسة والعدالة، فأغمض على فراغ، تاركاً وراءه العيون الفارغة؛ رحم الله بدوي الجبل القائل:

أين...أين الرعيل من عهد بدرٍ

طُوِيْ الفتح واسْتُبيحُ الرعيلُ

أما بعد..

يتابعني الوزير والنائب السابق المحامي عمر مسقاوي في كل ما أكتب وأذيع، فهو أستاذي في المهنة، وبستان الثقافة والمعرفة المتاح لي في كل وقت، ينتقدني أو يثني بحسب المقام، ويلفتني أحياناً إلى أمور يجدر التصدي لها، ومن ذلك قوله لي منذ أيام: كم استهجن الحديث عن رئيس توافقي لأن كلمة التوافق تنطوي على المساومة في سوق البازار بمعنى ما، فيما لا ينبغي أن يكون الرئيس سِلعة أو ملكية موزعة على أسهم، فالسهم للعقار والشركة، أما في السياسة، فنصله مسموم يخترق الوجدان؛ أردف يقول: أما الرئيس الوفاقي فهو خلاصة التقاء أفكار وعواطف ومصالح مشتركة متكاملة وغير متناقضة بحيث تكون الدولة برمّتها في عهدته وتحت رعايته ورقابته، لا أن يكون هو مملوكاً على الشيوع من قبل تجار الهيكل، الذين يُلَوِّح كثير منهم باللجوء إلى إزالة ذلك الشيوع. وإنني مستجيب لملاحظاته وموافق عليها لأن سكنى الدار الواحدة تلزم كل من يستظل سقفها حتى لو كان أجنبياً تدعيم ذلك السقف على ما أشار إليه الصديق سجعان قزّي في خميسه الماضي.

لم يعد التهديد بالطلاق كلاماً سرياً، أو موضوع بحوث تدرس في الحلقات النُّخبوية الضيقة، بل تخطى الأمر إلى العلنية من قبل قادة سياسة وفكر، فيما نرى في المقلب الآخر تمترساً خلف سلوك سياسي جامد متمادٍ، ومقولة صارمة مفادها أن قيمة لبنان بمقاومته فإن طعنتها بظهرها، ظهر منك الكفر والفساد والانتساب إلى المشاريع الأجنبية، وهذا، لعمري، يصنف في باب التقوى المهلكة على ما جاء في نوادر جحا المذكورة في كتاب عباس محمود العقاد، عندما سكن داراً فشكا لصاحبها أنه يسمع قرقعة في سقفها، فقال صاحب الدار :"لا تخف، إنه يسبّح الله"، فأجاب جحا:" هذا الذي أخشاه، من أن تدركه رقة فيسجد علينا". وفي الموقفين تكون التقوى بعيدة عن الورع، لأن تقسيم الدار يتجاهل العمود المشترك، وطلاءَ السقف بالبويا الخطابية لا يموه قرقعته ولا احتمال سجوده، ذلكم أن الورع هو في مصلحة الناس التي يسعى إليها القادة العقلاء بجرأة تتخطى الشعارات الجامدة والتعصب الغبي.

في فيلم جميل جداً اسمه (the two popes) البابوان، نستمتع إلى حوار سماوي المستوى منسوب إلى البابا بنديكتوس السادس عشر مع خليفته قبل انتخابه، في لقاء كان يمهّد فيه الأول لتنازله عن منصبه، فيتساءل من أصبح فرنسيس الأول بعد ذلك: لماذا لم تكن الكنيسة حتى القرن الخامس تعترف بالملائكة، فيما تتكاثر الملائكة الآن كالحمام الذي يرفرف في رحاب الفاتيكان؟ هكذا تحدّث البابوان كأنهما بابان للآفاق المفتوحة.

يغيب الرئيس وملائكته ليست حاضرة، ولا يلوح في الأفق حمام... فلعنة الله على الشيطان الأكبر، وعلى الشيطان الأصغر.

أما عن خميسات السكارى والحيارى داخل البرلمان، التي تحدثت عنها في المقالتين الماضيتين، فقد فاتني التنويه بالغيارى السهارى على الأمن، وقاهم الله شرَّ الشياطين.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني