قراءة في ما سيقوله الحريري في خطاب تأبين الشهيد رفيق الحريري 
قراءة في ما سيقوله الحريري في خطاب تأبين الشهيد رفيق الحريري 

خاص - Monday, February 10, 2020 10:25:00 AM

نضال العضايلة  *كاتب وباحث وإعلامي أردني

 

على وقع ردّات فعل الشارع اللبناني، وفي ظل معطيات تشير الى نيّته التصعيد كثرت التكهنات، والتوقعات حول ما اذا كان خطاب الرئيس سعد الحريري جامداً في المواقف التي سيعلنها بحيث انه سيرد التحدي بالتحدي، وذلك باللجوء الى الدستور والصلاحيات واللعبة الديمقراطية ورفض الهَيمنة على الدولة ككل.

الأنظار تتجه الجمعة الى "بيت الوسط" حيث سيُدلي الرئيس سعد الحريري بدلوه رداً على ما آل إليه واقع الحال في لبنان وفي أعقاب حكومة قد تكون حصلت على الثقة البرلمانية للتو، وفي ظل السجال بين الحريري وخصوم اليوم حلفاء الأمس.

ومنذ إعلانه نيته "بق البحصة"، حتى تحرّكت مروحة اتصالات في كل الاتجاهات، للاستفسار عن الأطراف التي يمكن أن يأتي عليها الحريري في خطابه، والجهات التي سيستهدفها بكلامه، ومن طرح السؤال على الحريري او المقربين منه جاءه جواب سريع: "الجمعة بتعرفوا، واللي في مسلّة تحت باطو بتنعرو"، حتى هذا الجواب، لم يشف غليل كثيرين، البعض صوّب باتجاه التيار الوطني الحر وهو الأمر الأكثر دقة بالإستناد إلى التوتر الكبير بل القطيعة التي حدثت بين التيار والحريري في اعقاب تشكيل حكومة حسان دياب وما رافقها قبل وبعد، فيما البعض الآخر اعتبر أن المقصود هو حزب الله، الذي بات اليوم اكثر في مرمى القصف الحريري، فيما ذهب آخرون إلى أن المقصود الأول سيكون القوات اللبنانية وسمير جعجع بعد التوتر الذي عمّ العلاقة بين الطرفين في اعقاب ما اعتبره الحريري طعناً في الظهر من الحليف التقليدي عندما أدار جعجع له ظهره في التسمية لرئاسة الحكومة، مع أن هناك مصادر ذكرت أن جعجع سيكون أول الحاضرين يوم الجمعة، بل ذهب آخرون إلى أن جعجع قد يتحدث في الاحتفال التأبيني للرئيس الشهيد رفيق الحريري.

وأشارت الى انّ الاتصالات التي جرت مع الحريري، وأبرزها من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس "التيار الوطني الحرّ" الوزير جبران باسيل، ركّزت على ضرورة أن يكون هادئاً في المواقف التي سيعلنها الجمعة، فكان جوابه أنه يضع دوماً مصلحة البلد فوق كل اعتبار، و"لكننا لا نستطيع ترك الامور وإعطاء انطباع للمجتمعَين العربي والدولي بأنّ الدولة مُستسلمة لـ"حزب الله" أو لغيره".

وسيؤكد الحريري بناء على أجواء ومناخات لقاءاته التي عقدها مع عدد من رؤساء الدول العربية والاجنبية، على هامش مشاركته في مئوية انتهاء الحرب العالمية الاولى التي أقيمت في باريس، انه لمسَ "استعداداً دولياً لمساعدة لبنان شرط أن يساعد نفسه".

لا شك أن الحريري يحس بغصة جراء تخلي حلفائه عنه، في هذه المرحلة، فيما يصرّ الحلفاء على موقفهم بأنه هو الذي انقلب وهم الذين يحفظون الثوابت، ولكن الحريري الذي يعتبر سقف المنزل، وجد أن السقف بدأ ينهار، وان عليه ان يثبت الأعمدة التي يرتكز عليها البناء، والتي تكون جاهزة دوماً للترميم، وحين سيفتح الحريري معركته، فإن عليه أن يكون قد بدأ بترميم البيت الداخلي، وهذا ما أكد عليه أحمد الحريري مؤخراً.

سيفجّر الحريري مفاجآت، وسيشير إلى أن مَن كانوا يتربصون به ويحاولون دس الدسائس بوجهه، لم يكن هدفهم سوى دس السموم في العسل، خصوصاً  التيار الوطني الحر الذي يعتبره الحريري عامل تبديد للاستقرار وعدم الحرص على البلد واستمرار الانقسام السياسي غير المنتج. 

خطاب الرئيس سعد الحريري سيتطرق للعديد من القضايا الساخنة ومنها ما ينطلق من وجهة نظر مذهبية تلعب على الوتر السنّي لأجل تقليب الشارع على الحريري. ويجزم بأن هذه الأساليب كلها فشلت، لأن الناس تهتم بشؤونها وليس بالانقسامات السياسية، إنما "الناس تريد الماء، الكهرباء، فرص العمل". وأكثر من ذلك، سيذهب الحريري ليؤكد أن هؤلاء اتخذوا ذلك ذريعة للهجوم عليه ولقطع الطريق على المبادرات التي قام بها.

وقد بدأ البعض يتحسّب لموقف الحريري. وهناك من يعتبر أن الحريري سيتخذ للمرة الأولى إجراءات بحق بعض المقربين منه، وسيعمل على إبعادهم، بسبب إزعاجهم، وقد يدعّم موقفه هذا الذي يصفه معارضوه بالإنقلابي، بالإشارة إلى امتلاكه تسجيلات ووثائق تثبت إداناتهم في الاستثمار بأزمته وبالهجوم عليه، لتحقيق مصالح سياسية خاصة. ووفق مصادر متابعة، فإن الحريري لن يلجأ بالضرورة إلى إبراز هذه الوثائق، بل سيلوّح بها، وسيكتفي بالإشارة إليها لتجنّب الدخول في مواجهة مفتوحة مع الحلفاء السابقين، الذين يعتبرون أن الحريري سيلجأ إلى ذلك لتبرير مواقفه الجديدة، وإعادة تموضع تيار المستقبل. وما يفعله الحريري من إيحاء بأنه تعرّض للطعنات لا يهدف إلا إلى استدرار عطف الشارع والجمهور. بالرغم من أن المأخوذ عليه هو انه من طعن نفسه ومسيرته، حين وافق على انتخاب ميشال عون رئيساً، ووفر الغطاء الذي لم يتوقع حزب الله الحصول عليه.

داخلياً سيلجأ الى تقليص دور بعض مستشاريه الذين أوصلوه الى هذه الحال بحسب ما لفتت المعلومات، وكذلك وحسب ما تسرب من بيت الوسط فإن اعادة هيكلة واسعة سيشهدها بيت المستقبل، وفي كافة المناطق.

خارجياً وحسب ما رشح فإن الشيخ سعد سيوضح للبنانيين بان الطائفة السنية في لبنان غير راضية بما يطالهم من هيمنة غير فرقاء على القرار السياسي، كما انه لا يقبل ان يستمر "حزب الله" في تعرضه لأمن لبنان والمطلوب ان يتخذ الفرقاء موقفا واضحا في هذا الامر.

ما سيقوله الحريري حول كسر الجرة بين التيارين بمقدار ما هو الا كسر للعلاقة بين الحريري والوزير جبران باسيل على وجه التحديد، مما يعني ان الاشتباك بينهما، يعكس في وضوح انّ كلّاً منهما تَموضع خلف متراسه على ضفّتي أزمة خطيرة ومفتوحة على هجمات متبادلة تحت أكثر من عنوان.

ومما سبق فإن ما سيتطرق إليه الحريري سيكون تحت اربعة عناوين رئيسية هي العلاقة مع التيار الوطني الحر وهو العنوان الأساس، والعنوان الثاني الهجمة الشرسة التي يتعرض لها تيار المستقبل والطائفة السنية، والعنوان الثالث سيكون على شكل رسالة للحلفاء لإعادة التمترس خلف جدار المعارضة، والعنوان الرابع سيكون الوضع الداخلي وما الت اليه الامور، وأخيرا ذلك المتعلق بإعادة ترتيب البيت الداخلي.

 

 

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني