هيام عيد - الديار
تستمر أجواء المراوحة السياسية، توازياً مع تسجيل سباق محموم ما بين التطورات المالية والمعيشية والاجتماعية والأمنية والتحرّكات السياسية والمبادرات الحوارية، بعدما كَسَرَ سعر صرف الدولار في السوق السوداء سقفاً غير مسبوق، في الوقت الذي تغيب فيه من الأفق أي ملامح حلول سياسية أو مبادرات خارجية. وفي انتظار أي إجراء أو قرار بلجم الدولار، ووضع حدّ للتفلّت الحاصل في الأسعار الذي أعاد المواطنين إلى الشارع، مدفوعين بموجة الغلاء الفاحش وتآكل قدرتهم الشرائية، وبالتالي أدّى إلى تعطل الحركة في أكثر من قطاع، حذّرت مصادر نيابية بارزة، من خطورة ما قد يؤدي إليه هذا السباق المتفلِّت على مستوى الشارع، في ضوء ما هو حاصل بين الحركة السياسية الهادئة، والإيقاع السريع لارتفاع سعر صرف الدولار الذي تصدّر المشهد الداخلي، وتقدّم بالتالي، حتى على المستجدات القضائية بعد عودة المحقِّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار إلى ممارسة مهمته.
ووفق المصادر النيابية البارزة، فإن الحدث المالي بالأمس دفع بكل العناوين الأخرى إلى التراجع إلى المراتب الخلفية، ولا سيما أن موازين القوى على الساحة السياسية قد تعرّضت لما يشبه الإنقلاب في الساعات القليلة الماضية، حيث انه لم يعد خافياً على أحد، أن ما من سيناريو ممكن لتوحيد المواقف السياسية على مقاربة رئاسية، وذلك، في ضوء انقطاع قنوات التواصل، على الأقل بين الأطراف السياسية كافةً من أجل التوافق على مرشّح رئاسي، مع العلم أن التوافق هو الخيار الوحيد من أجل الإنتقال من مرحلة الشغور الرئاسي إلى إنجاز الإنتخابات الرئاسية، وذلك، بمعزلٍ عن أي تدخلات خارجية، أو حتى مبادرات أو لقاءات ديبلوماسية، بعدما وضعت عواصم القرار المعنية بالملف اللبناني كرة الإستحقاق الرئاسي في ملعب القوى اللبنانية الداخلية فقط.
وانطلاقاً ممّا تقدم على المستوى السياسي، فإن المصادر النيابية البارزة نفسها، لا تنكر وجود تحذيرات خارجية، كما داخلية من «سيناريو أسود» يرتدي الطابع الأمني، وذلك من بوابة الأزمة الإجتماعية التي تتفاقم يوماً بعد يوم، ولم تعد تنفع معها كل الخطوات التي تأتي دائماً في سياق ردود الفعل فقط وليس أكثر. لكن المصادر نفسها، تكشف عن قرارٍ ثابتٍ لدى كل القيادات الأمنية، يقضي بالوقوف بحزمٍ، ومن دون أي تردّد، في أي وجه محاولة للتأثير في الواقع الأمني العام، وهذا على الرغم من أن البعض يقرأ الصورة الداخلية بطريقة مختلفة.
فما يجري اليوم، كما تضيف المصادر النيابية البارزة، هو العودة إلى الإستحقاق الرئاسي مجدداً، كونه الباب الوحيد الذي يهدف إلى تحقيق التوازن على عدة مستويات أولاً، على أن ينسحب على المشهد العام ثانياً. ومن هنا، فإن المراحل السياسية السابقة، والتي سُجّل فيها شغور رئاسي وانسداد سياسي وأزمات مالية، قد عزّزت خيارات الحوار والتوافق، ولو أن هذا الأمر قد حصل برعاية خارجية في بعض المحطات.