لا تخسروا قضيّتكم!
لا تخسروا قضيّتكم!

خاص - Sunday, January 29, 2023 6:54:00 AM

النقيب السابق للمحامين في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس

 منذ الناقوس الأول الذي طلب إلي الشيخ عماد الخازن أن أدقّه في فضاء صوت لبنان ثم صوت كل لبنان، وجدتني ملتزماً التزام طالب مجتهد في تحضير الواجب، لأنّ ردود الفعل الأولى كانت تفيض بالتشجيع والمحبة؛ وعلى مرّ السنين كثرت الآذان المستعمة وكذلك الألسنة المعلّقة والأقلام، فكنت أحرِصُ على الردّ على معظمها لما فيها من صداقة وملاحظات جوهرية كانت تفيدني في تجنُّب خطأ لغوي او تاريخي، أو تصحيح معلومة. ولم يكن يخلو الأمر من تجريح غير مبرّر، يتناول القائل لا المقول، فكنت أنفض هذا عن اهتمامي لأن المسيئين كانوا مكتومي الهوية والإساءة المقنّعة طبع الجبان الحسود، أما أن يذهب بعضهم إلى اتهامي بأني نصّبت نفسي ناظراً عاماً، يوجّه وينتقد ويحاكم ويدين، فهذا ما لا أدّعيه، لأن كل ما أبغيه من لقائي الأسبوعي معكم، هو تجديد الصداقة وبثّ رأي، وتعليق خاطف على التطورات المتسارعة.

وعليه، وبمناسبة التذابح القضائي، اعتذرت من قنوات عدة عن الظهور والتعليق، لإنه لا محل للرأي المتأني في ظل الاحتدام والانقسام، وأنا لست مستعداً على الإطلاق أن أخلع عني ستين سنة من الدراسة والممارسة، لأنضم إلى فريق أو آخر، لأن خبرتي قالت لي: إن أسوأ مكان للنقاش القانوني هو السجال والحماسة والمواقف المتعصبة.

ومن باب الفكاهة السوداء، فقد سألني أحدهم من من المتبارزين ينطق بصحيح القانون فأجبته: إنني كهاوٍ مزمن للموسيقا لا أسمع، مع الاسف، عزفاً على القانون، بل ربما كانت الاصوات هذه صادرة عن الطبلة والربابة ولقد قال نزار:

إذا خسرنا الحرب لا غرابه
لأننا ندخلها..
بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابه
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه
لأننا ندخلها..
بمنطق الطبلة والربابه

بعد كل هذه الفوضى التي لم أرَ مثلها ولا في الكوابيس، نجد المسألة متمادية على الشاشات وفي محيط قصر العدل، في حين أن أبسط الأمور تستلزم تدخل رئيس الحكومة ووزير العدل فوراً لإعلان حالة الطوراىء القضائية، والاسراع في فك أسر مرسوم تعيين رؤساء التمييز، فإذا تعذّر ذلك، فدعوة رئيس مجلس القضاء الأعلى رؤساء غرف التمييز المكلّفين لاستكمال نصاب وعقد الهيئة العامة إذ لا نص يمنعه من ذلك، لتضع يدها فوراً على هذا الخلل الخطير، وتعيد الأمور إلى نصابها، وتبتّ في قضايا مداعاة الدولة، وذلك توخياً لإبقاء القضية في حيّزها القضائي، وإلا فإن التجاذب السياسي والشوارعي سيستبيح العدالة ويحولها إلى جثة مسحولة.

يقول الجنرال ديغول: "إن المعركة الخاسرة هي التي لم تخضها"، ولهذا أخاطب الجسم القضائي بمؤسساته ووجدانه العام، لا تخسروا قضيّتكم بالامتناع عن خوضها، لا تجعلوا الشعب اللبناني يخسرها معكم، فقد خسر من قبل احترام المواعيد الدستورية، والحياة السياسية الصحية وخسر ودائعه، بل هناك أيضاً من يعدّ العدّة بعد أن يهزمكم ، ويهزم تحقيق المرفأ ، أن يهزم الجيش والقوى الأمنية، ليسلّمنا بعد هذا إلى العدم الذي هو أدهى من جهنم التي وعدونا بها.

يا بــــيــــروت الآب والأم:

كُلُّ ثَغْرٍ مَدَّ في البَحْرِ لِسانًا

باحِثًا عن أُرْجُوانِكْ

كانَ يُزْجي شَفَتَيْهِ...

رَوْنَقُ الكِلْمَةِ مِنْ طَرْفِ لِسَانِكْ

أَنْتِ يا بَيْروتُ فُلْكٌ طافَ بالأَحْرُفِ...

حتّى أحْيَتِ الدَّهْرَ الذي مَرَّ

على ظَرْفِ زَمانِكْ

أَنْتِ يا بَيْروتُ أمٌّ للشرائِعْ

كُنْتِ لِلمَدْرَسَةِ الأولى...

مَقَامًا حافِظًا ما سَنَّ للأجيالِ شَارِعْ

لِلْهواءِ الحُرِّ مَيْدانًا... مَصَبًّا للشوارِعْ

كانَتِ الأحْجارُ... مِنْ صُلْبِ المراجِعْ

آهِ مِنْ زَلْزَلةِ الأرْضِ...

على ظَرْفِ مَكَانِكْ

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني