"لجنة المال" ترفع " الكارت الأصفر" بوجه الحكومة: أين الرؤية الماليّة والأرقام؟
"لجنة المال" ترفع " الكارت الأصفر" بوجه الحكومة: أين الرؤية الماليّة والأرقام؟

أخبار البلد - Tuesday, January 31, 2023 6:00:00 AM

محمد بلوط - الدبار

يبقى السؤال الكبير: ما هو مصير ودائع الناس المتآكلة في البنوك يوما بعد يوم؟ وكيف نحمي الباقي منها ونعيدها الى اصحابها؟

 
يبدو ان استئناف البحث المباشر بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي في الشهرين المقبلين حول مسار ومصير لائحة الشروط التي وضعها الصندوق لتقديم المساعدة المالية للبنان، لن يسفر عن نتائج ايجابية عملية، في ظل تعثر الدولة اللبنانية في تلبية هذه الشروط وعجزها عن حسم خطة التعافي والقوانين المشمولة فيها.

وفي ظل هذا العجز والتخبط المستمر، يدفع اللبنانيون عموما والمودعين خصوصا الضريبة الكبرى، وتتواصل عملية اقتطاع وسرقة اموالهم ومدخراتهم بطريقة "ميليشياوية مصرفية" تحت بصر الدولة بكل مؤسساتها، التي لعبت وتلعب دور المتواطىء مع هذه السرقة الموصوفة.

واذا كان المجلس النيابي قد ناقش واقرّ بعض القوانين المدرجة في لائحة شروط الصندوق الدولي، مثل الموازنة وقانون السرية المصرفية، وانجز دراسة قانون "الكابيتال كونترول" في اللجان المشتركة بانتظار اقراره في الهيئة العامة، فانه يواجه اليوم امتحانا في غاية الصعوبة والاهمية في مناقشة "لجنة المال والموازنة" اقتراح قانون اعادة التوازن للانتظام المالي، الذي رمته الحكومة في وجهه على شكل اقتراح موقع من نائبين بصيغة هجينة لا تستند الى رؤية او ارقام رسمية ودقيقة يمكن البناء عليها لمعالجة الفجوة المالية الكبيرة، التي هي اصل الازمة او حل قضية الودائع وحماية حقوق المودعين.

كيف تستعجل الحكومة اقرار مثل هذا القانون المهم، ولا تقدم الرؤية الشاملة والارقام الدقيقة للموجودات في الدولة ومصرف لبنان والمصارف ؟ ومن اين تبدأ "لجنة المال" في درسه؟

في اول جلسة للجنة برئاسة رئيسها ابراهيم كنعان، لم تحضر الحكومة ولا مصرف لبنان، وهذا ما جعل الجلسة تقتصر على مناقشة هذا الامر وسط استياء واستهجان النواب.

وفي الجلسة الثانية حضرت الحكومة وتبنت اقتراح القاون، وابدت وجهة نظرها التي هي عبارة عن تلخيص لخطتها، من دون الاستناد الى اية ارقام رسمية ودقيقة. وبعدها بقي النقاش يدور في حلقة مفرغة، بحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وغياب وزير المال يوسف الخليل ومصرف لبنان.

وفي جلسة الامس، وضعت اللجنة النقاط على الحروف، رافضة ان تلعب دور شاهد الزور. وطالبت الحكومة والمصرف المركزي والمصارف بتقديم ارقام رسمية خطية لا شفهية حول كل الموجودات لدى هذا المثلث، لكي تتمكن فعلا من درس وانجاز هذا القانون المالي الاساسي والحيوي.

ورفعت اللجنة " الكارت الاصفر" في وجه الحكومة، محذرة من الطريقة التي اعتمدتها حتى الان، ومطالبة بطرح رؤيتها بشفافية مسنودة بارقام دقيقة رسمية وخطية للموجودات في الدولة والمصرف المركزي والمصارف، بدل اعطاء بعض الارقام بطريقة شفهية طرحها سعادة امس امام النواب.

ورفعت اللجنة على لسان رئيسها ابراهيم كنعان اللهجة بشدة في وجه الحكومة، التي تقاعست حتى الآن في تقديم هذه الارقام، التي تشكل اساسا ضروريا لمناقشة اقتراح القانون، ومعالجة الفجوة المالية، وتوزيع الخسائر وضمان الودائع وحقوق المودعين.

 
وقدم الشامي خلال الجلسة ارقاما شفهية، لافتا الى ان الفجوة المالية تقدر بـ٧٣ مليار دولار، واحتياطي المصرف المركزي اصبح عشرة مليارات ومئتي مليون دولار، وان حجم الودائع يقارب الـ٩٥ مليار دولار. مع العلم ان هذه الودائع محجوزة في قبضة المصارف وتخضع حاليا لمفاعيل تعاميم المصرف المركزي، التي تساهم في عملية " هير كات" دون اي حسيب او رقيب.

وقدّر الشامي كلفة اعطاء مئة الف دولار لجميع المودعين كحد اقصى، وفق ما ورد في الاقتراح ورؤية الحكومة، بحوالي عشرين مليار دولار دون ان يعطي اي تفصيل حول كيفية احتساب هذا الرقم او تأمينه.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، وجدت اللجنة انها امام خيارين:

- اما تشكيل لجنة فرعية لدرس اقتراح القانون بدقة وهدوء مع التأكيد على المطالبة بالارقام الرسمية للموجودات والحسابات، والعودة بعد ذلك الى اللجنة الام.

- او المباشرة بمناقشة الاقتراح مادة مادة وتعديل ما يجب تعديلها، بعد حصول اللجنة على الارقام ورؤية الحكومة.

ولذلك قررت اللجنة دعوة لجنة الرقابة على المصارف لحضور الاجتماع المقبل مع التشديد على حضور وزير المال الى جانب نائب رئيس الحكومة للحصول على كل الارقام، وستحسم ايضا موقفها من الخيارين المطروحين.

تصريح كنعان

وبعد اجتماع الامس، أعلن رئيس اللجنة النائب كنعان الطلب من الحكومة تقديم ارقام رسمية خطية وليس بطريقة شفهية، ولفت الى انه كان على الحكومة ان تعد هذا المشروع وتحيله الى المجلس، لكنها عوضا عن ذلك قدمته كاقتراح قانون بتوقيع نائبين، مشيرا الى ان المعطيات لمناقشة هذا الاقتراحات غير متوافرة حتى الآن.

وطالب كنعان رئيس حكومة تصريف الاعمال الايعاز للوزراء المعنيين والادارات المعنية للتجاوب والتعاون مع المجلس واللجنة. وقال:" حتى لا يتحول قانون استعادة التوازن الى سمك بالبحر ويبلف الناس، نصارح اللبنانيين ونتعاطى بجدية، لان مصرف لبنان والمصارف والدولة مسؤولون للقول ما هي الموجودات، وماذا بقي من اموال المودعين، وكيف ستعالج هذه الامور".

اضاف :" ان الدولار عم بينط وعايش على تعاميم مصرف لبنان، وليس هناك احصاء لموجودات الدولة ولا المصارف حتى اللحظة، فماذا تفعل الحكومات منذ ثلاث سنوات وماذا تنتظر "؟


وفي لهجة عالية قال كنعان: " لن نستسلم للذين يطلبون منا التشريع تحت الضغط".

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني