يارا عنيسي تروي قصّتها "الملهمة": "الفورمولا 1" شغفي وأرفض التعرّض للتمييز لأنّني أنثى
يارا عنيسي تروي قصّتها "الملهمة": "الفورمولا 1" شغفي وأرفض التعرّض للتمييز لأنّني أنثى

خاص - Tuesday, January 31, 2023 7:50:00 PM

حسن هاشم 

اقتحمت الشابة اللبنانية يارا عنيسي عالم رياضة سيارات "الفورمولا 1" من بوابة صناعة المحتوى المعرفي الخاص بهذه الرياضة التي تعدّ الفئة الأولى عالمياً على مستوى رياضات السيارات والمحركات.

وفي وقت قصير جداً أصبحت يارا ومن خلال صفحتها على "إنستغرام" والتي تحمل اسم "The Formula One Girl" واحدة من أبرز صناع المحتوى الخاص بهذه الرياضة في لبنان، لتشكّل بذلك ثورة لناحية كسر الصور النمطية للأدوار الاجتماعية التي يحدّدها المجتمع للنساء والتي في غالبها تكون مبنية على موروثات وأفكار ومعتقدات ذكورية بالية.

من هنا، انطلقت يارا في عالم صناعة المحتوى المعرفي الخاص بهذه الرياضة واضعة نصب عينيها هدفين أساسيين، هما: أولاً، أن تساهم بمشاركة وتبادل المعرفة الخاصة بهذه الرياضة مع الآخرين بهدف زيادة المعلومات والفائدة لجميع من يهتمّ بها، وثانياً، خلق مساحة لمثيلاتها من الفتيات اللواتي ربّما لم يمتلكن المساحة للتعبير عن اهتمامهنّ هذه الرياضة.

 

"هكذا بدأت قصّتي"

تروي يارا بإسهاب لـvdlnews قصّتها "الملهمة" مع هذه الرياضة التي يتمّ تصويرها نمطياً على أنّها "للرجال فقط"، كاشفة كيف عملت لأجل شغفها الذي رافقها منذ الطفولة، وكيف تحدّت كلّ الأدوار الاجتماعية والقوالب الجاهزة التي توضع فيها النساء من قبل المجتمع.

وتقول يارا إنّ قصتها مع هذه الرياضة بدأت منذ الطفولة، حيث كانت تشاهد مع والدها وخالها الفعاليات الخاصة برياضات المحركات على أنواعها في عطلة نهاية الأسبوع سواء البطولات العالمية عبر التلفزيون أو حتّى النشاطات المحلية في لبنان كسباقات السرعة والانجراف والرالي وغيرها.

وتتابع الشابة المتخصصة بمجال هندسة الأدوات الطبية، أنّها مع مرور الوقت باتت ترغب بالمعرفة أكثر عن هذا العالم وتقنياته وتفاصيله وخباياه وليس فقط متابعته كمشاهدة عادية لمعرفة نتائج السباقات وحسب.

وتضيف: "من هنا بدأت أتساءل، لماذا لا توجد سائقات إناث وما المانع من ذلك فما الفارق بيننا كلنا قادرات على ذلك، وهنا قررت أنه يجب أن تكون الإناث ممثلات في هذه الرياضة بالطريقة المتاحة".

وتشير إلى أنّها كانت تحمل شغفها بهذه الرياضة معها إلى المدرسة حيث كانت الفتاة الوحيدة التي تتابع "الفورمولا 1"، كما أنّ زملاءها من الذكور لم يكونوا جميعاً يتابعونها.

 

صفحة "The Formula One Girl"

وتكشف يارا: "كان أصدقائي يلقبونني في المدرسة بـ"The Formula One Girl" أي "فتاة الفورمولا 1" ولذلك عندما قررت إنشاء صفحتي أعطيتها هذا الإسم".

وعن قرارها بإنشاء صفحتها الخاصة عبر "إنستغرام"، تقول: "عندما قررت إنشاء صفحتي الخاصة كان انطلاقاً من شغفي بهذه الرياضة التي عشقتها منذ الصغر، وكانت هذه الفكرة تمثّل بديلاً عن عدم وجود تخصص مرتبط بـ"الفورمولا 1" بشكل أو بآخر في لبنان حيث لا توجد فرص فعلية لذلك سواء لناحية تحضير سائقين وسائقات أو لناحية الإعلام المتخصص بهذه الرياضة".

وتضيف: "قررت أن أوظّف شغفي حيث أستطيع وضمن الإمكانيات المتاحة لذلك أنشأت هذه الصفحة لتكون بمثابة مرجع لمتابعي "الفورمولا 1" كما لتكون وسيلة تشجيع للشابات اللواتي قد يملكن الشغف لهذه الرياضة ولكنّهنّ يخضعن ربما لقيود المجتمع لناحية أنّها رياضة للرجال ولا يجب أن يكنّ مهتمات بها".

وعن المحتوى الذي تقدمه عبر صفحتها تشرح يارا: "قررت صناعة محتوى معلوماتي - معرفي عن هذه الرياضة وألا أكتفي بالمحتوى الإخباري، حيث كنت أقوم بنشر تقارير تتضمن معلومات تقنية مرتبطة بـ"الفورمولا 1" من منطلق أنّ الجميع يجب أن يستفيد، أولاً، وثانياً، هدفت إلى تمثيل الفتيات في "الفورمولا 1" من خلال خلق مساحة لهنّ يمكنهنّ التعبير من خلالها على حبهنّ لهذه الرياضة ولا سيما أنّ المجتمع أو بيئتهنّ لا تمنحنّ الفرص لذلك".  

وتكشف أنّه "مع توسّع متابعي الصفحة والمهتمين بـ"الفورمولا 1" في لبنان دخلت في مجموعة عبر "واتساب" تشمل العديد من المهتمين بهذه الرياضة وأنشأنا معاً صفحة "F1 Lebanon" لنشكّل مجتمع "الفورمولا 1" في لبنان حيث نقوم بالعديد من الأنشطة واللقاءات لمتابعة السباقات بشكل جماعي".

 

 

"إنتِ بنت شو فهّمك"!

لا تخفي يارا أنّها واجهت الكثير من التحديات والتعليقات التي تحمل العديد من أشكال التمييز على أساس النوع الاجتماعي كونها أنثى، حيث تقول في هذا الصدد: "كثيراً ما كانت تسمع عبارة "ما إنتِ بنت شو فهّمك" و"مين إنتِ لتحكي بالفورمولا 1؟"، لكنّ هذا العبارات لم تكن لتحبطني يوماً بل كانت بمثابة دفعٍ لي لأقدّم محتوى أكبر وأتوسّع أكثر بالبحث، فأنا لا أدّعي أنّني أعرف كلّ شيء في هذه الرياضة، لكنّني أقوم بالبحث والعمل على تطوير معلوماتي وذاتي، ولذلك أرفض أن أتعرّض للتمييز فقط لأنّني أنثى".

وتتابع: "قد نختلف بوجهات النظر وبأفكارنا وقد يكون لكلّ منّا رؤيته في هذه الرياضة، ولكن يمكن أن نتناقش من الندّ إلى الندّ لا أن يكون هناك حكم مسبق بأنّ وجهة نظري خاطئة فقط لكوني فتاة ووجهة نظر الشاب صحيحة فقط لأنّه ذكر".

وتؤكّد يارا "لا أهدف من خلال المحتوى الذي أقدمه أظهر أنّني "أفهم من غيري"، بل على العكس أهدف لأتشارك مع الآخرين المحتوى لأفيد الآخرين بما أعرف ولأستفيد بالمقابل مما يقدمّه الآخرون"، مشددة على أنّ "المسألة ليست من يعرف أكثر من الآخر بل أن نتشارك ونتبادل المعلومات لتكون الإفادة للجميع".

 

"رسالتي للفتيات بألا يتردّدن"

وتدعو يارا إلى "المساواة الجندرية لأنّ المجتمع لا يزال يضع المرأة في قوالب وأدوار نمطية معيّنة كأن يعتبر أنّ مكانها "المطبخ ومنزل زوجها" ولا يمكن أن تكون لديها اهتمامات بالرياضة بشكل عام والسيارات بشكل خاص وأنّها لا تعرف قيادة السيارات وغيرها من الأحكام المسبقة والعبارات التي تشكّل تمييزاً على أساس التوع الاجتماعي ضدّ النساء".  

وترى في ذلك "نوعاً من التحطيم، والمشكلة أنّ البلد لا توجد فيه فرص لمحبّي "الفورمولا 1" سواء كانوا للشاب أو للفتاة، ولذلك أحاول أن أساهم بالتأثير وتغيير عقلية المجتمع ضمن الإمكانيات المتاحة لكسر الصور النمطية والأدوار الجندرية المعلّبة".

وتخلص يارا إلى أنّها تعتبرها نفسها فشلت في تجربتها "إن لم تكن صفحتي على "إنستغرام" قد ساهمت في جذب الفتيات إلى هذه الرياضة ولذلك فإنّ رسالتي لجميع الفتيات اللواتي يجدن أنفسهنّ مهتمات بهذه الرياضة ألا يتردّدن بالغوص فيها وأن يكسرن الحواجز والعوائق الاجتماعية التي توضع أمامهنّ".

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني