الرقم:
90% يعتبرون أن تدخل الدولة لإنقاذ قطاع المأكولات والمشروبات كان سيئاً جداً. 53% أبدوا إستعدادهم لمقاطعة المطاعم إذا رفعت أسعارها بنسبة 15%.
الرأي:
لطالما إشتهر لبنان بجودة وفخامة قطاع المأكولات والمشروبات. يحمل شعار "اللقمة الطيبة" في طيّاته الكثير من المشاعر والخبرات والحرفية، تشهد على سنين من التطوير والنضج في هذا القطاع. كما تُرفع القبعة لمستوى الضيافة اللبنانية (الفطرية) في جميع أنحاء العالم مما جعل الطلب على شبابنا مرتفعاً لإدارة وقيادة هذا القطاع الحيوي. وتمكنت الملاهي اللبنانية من جذب سياح العالم سعياً وراء إكتشاف سر "ما في أحلى من السهر بلبنان". وإذ، وبسحر ساحر، بدأت رحلة التدحرج المؤلمة لهذا القطاع عن القمة ليلامس القعر. ماذا حصل؟ ما هي سُبل الإنقاذ؟ هل فات الآوان؟
بدأ الوضع بالتخبط منذ بداية 2019 تقريباً. رمت الأزمات المتعاقبة بظلالها على هذا القطاع. أولها الأزمة الإقتصادية. لم يعد بالإستطاعة التعامل بالدولار، أو السحب من الودائع، أو شراء المواد الأولية بأسعار معقولة. ولم يسلم الزبون من هذه الضغوط المعيشية إلى درجة ممارسة تقنين ذاتي قاسي مما أدى الى شحّ المصروف الترفيهي وتحوله إلى مصروف للنجاة. ثاني الأزمات كانت سياسية. ثار الشعب ليطالب بالحياة. كان على إستعداد لشلّ البلد من أجل تحقيق الأهداف. الكولاتيرال داماج أصاب القطاع فإزداد الوضع سوءاً. أُغلِقَت أعدادٌ كبيرة من المطاعم والملاهي وسُرِّح الموظفون والطباخون. الكثير منهم كان قد بدأ يشعر بالخطر من قبل عندما شرع العامل الأجنبي بالتغلغل في القطاع وإجتياحه: ثالث الأزمات. فضّل ربّ العمل الرِخص على الجودة والأجنبي على الوطني والربح على السمعة. وبالتالي، "أكلها" القطاع من جميع الجهات، وتجلّت صورة الكراسي الخاوية والغرسونات اليائسة والإدارات المتوترة.
في ظل كل هذا، علت نداءات النجدة ورُفِعَت الأعلام بجميع ألوانها ودُقَّت النواقيس. نقابات، أصاب مصالح، موظفين، عاملين. لم تلتفت الدولة لهذه الأصوات وعجزت عن تلبية النداء. البديهي أن تمد الدولة يدها الى هذا القطاع، أقله كعربون شكر وتقدير، عبر: إصدار قوانين بتخفيض أو إلغاء الإيجارات في هذه الفترة (أسوةً بالدول العربية المجاورة)؛ إجبار المصارف منح قروض مسهلة لتمكن القطاع من تسديد فواتيره التشغيلية؛ تسهيل عملية الإستيراد؛ إصدار قوانين للحد من العمالة الأجنبية إلخ...
قد يكون الأوان قد فات. وربما تم بالفعل نعي وتشييع هذا القطاع من قبل نقابته. لكن اللبناني عُرِفَ بصموده بوجه أعتى العواصف وقد يتمكن من النجاة، بنفسه، من دون مساعدة دولة قررت تقليص أهمية وزارة السياحة وتهميشها عبر دمجها مع وزارة اخرى.