الاعلاميّ بسّام برّاك

لماذا حلّت جائحة" كورونا " ضيفة شبه دائمة في ربوعنا؟
ربما... لتقولَ لمن كان يرتوي أن يكتفيَ بألا يظمأ.. ومن كان يُتخَم أن يرضى بعدم الجوع، ومن يرتدي ما لا يُحصَى من أثواب أن يُداريَ جسده من العراء، ومن يغامر في رحلات لا تعَد أن يعدّ جدران بيته كلَّ يوم عشراتِ المرات...
هي أمثولة قسرية لم نسألِ الطبيعة أن تلقنَنا إياها، ولا الباري أن يعاقبنا بها على افتعال خطأ طبي أو إيذاء سياسي أو جنون طبيعيّ . أمثولة عمّمتها الجائحة على المتعلم والمتسرِّب، الجامعي والمتخصِّص، أربابِ العمل والعمّال، وإن شئتم- مُراضاةً- على حُكام البلاد والشعوب. فإما أن نرسب في اختبار الأمثولة ونخضع لهذه التجربة الخيبةِ الموسمَ المقبل، وإما أن ننجح في الاختبار ونتقدّم خطوة إلى بوّابة الحياة، وإنْ مع جزء من شعاع الشمس، وبعضٍ من لون القمر، وساعات من عمل النهار، وحفنة من سهر الليل.

ولكن...إذا كان الإنسان يخضع للمشيئة، أيِّ مشيئة، فيتبدّلُ ويتكيّفُ ويسيرُ على قدمًيه مع واقع لم يرسمه بيده، فلماذا الله لا يتبدّل؟ أهي خطيئةٌ أن أسألك ربي يا من تنقل الجبال الى البحار وتُكثر الأرغفة للجائعين وتجعل فلس الأرملة أكثر غنًى من أموالٍ سرقها منّا بعضُ حكامنا، ولا يزال بعضُ هذا البعضِ لسوء القدَر يحكمنا... ؟!
أخطيئة أن أسألك التبدلَ والتكيُّفَ مع طبيعة الإنسان وملله واختناقه واحتجازِه خلف جدران أحصاها مئاتِ المرّات وضرب بها رأسه؟

كتب توماس ترانسترومر: " يحدث في منتصف الحياة أن يأخذ الموت مقاساتِنا فنخالها زيارة وننسى..لكن بعد حين نكتشف أنه كان يحيك لنا البذلة..."
فهل هذا هو مصيرُنا ربّي؟ ربما عليك أن تتبدّل، أن تُقصِيَ عنّا غضبًا إما الطبيعة تنتقم به من البشر لِما افتعلناه فيها فانقلبت علينا جائحةُ مجتاحة حياتَنا ، وإما أنت تريدنا أن نعود الى محرابك بسطاءَ ودعاءَ أنقياء... فأنذرتنا بأقسى إنذار.
لقد أدّينا واجب العقوبة وارتضينا ما حلّ بنا .. وفهمنا أن ضوضاء الحياة عتم، وصخبَها صَمم، والتعزية ليست بالعناق والصلاة ليست في دُور العبادة... فباللّه عليك ربي، أيها القادر بلحظة على محو خطايانا إرفع عنا ثقلَ كورونا غير ِ المرئية وغير الملموسة، فيما أنت تُرى وتُلمَس و تغفر وتٌبرئ لأنك الله، ومن أجل أبنائك المتبدّلين.. تبدَّل.