لبنان ما بعد الثقة بحكومة دياب
لبنان ما بعد الثقة بحكومة دياب

خاص - Wednesday, February 12, 2020 2:57:00 PM

نضال العضايلة : كاتب وباحث وإعلامي أردني 

الإصلاحات المطلوبة ومكافحة الفساد واستقلالية القضاء، وبما يفترض ان يرضي الشارع المنتفض على الفساد والنهب والهدر، يفترض أن تكون هي أولوية الحكومة اللبنانية بعد أن استطاعت أن تنجح في إمتحان الثقة، وبعد أن خرجت من عنق الزجاجة بمساعدة المعارضة قبل الموالاة.

في مرحلة ما قبل نيله ثقة مجلس النواب اللبناني حاول رئيس الحكومة حسان دياب أن يُقنع سفراء الاتحاد الأوروبي، بأنّ حكومته هي حكومة الإصلاح السياسي والاقتصادي المنتظرة، وبأنّها هي الترجمة الرسمية لثورة 17 نوفمبر/تشرين الأول، وهذه المحاولة ليست جديدة، والأوروبيون كالأمريكيين والعرب، وافقوا منذ اللحظة الأولى على منح دياب فرصةً لإثبات صدقه في تغيير النهج من الفساد إلى الإصلاح.

برنامج دياب تضمن خطة طوارئ وإصلاحات قضائية تشريعية ومعالجة في الآلية العامة، تواكبها إجراءات اقتصادية للانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي، هكذا قال الرجل في مجلس النواب، ولكن هل من آلية عمل لإنتاج خطوات ملموسة في هذا الإتجاه؟، سؤال يبرز في خضم الهجمة التي يتعرض لها الرجل في الشارع اللبناني.


الإجابة على هذا السؤال تنطلق من الموازنة التي أنجزتها الحكومة السابقة وهي نفسها التي اعتمدتها «حكومة دياب» بلا تعديل ولا تغيير متوقع في الطواقم التي جاءت بها المحسوبيات السياسية نفسها إلى الإدارة. فيما التساؤل من أين سيأتي الإصلاح إذاً في ظل عودة نفس العقلية والموازنة، وفوق ذلك، البيان الوزاري جاء استعادةً لنماذج البيانات السابقة في الجانب السياسي- الأمني منه. 

أما في الجانب المالي والاقتصادي، فقد أطلق وعوداً من عناوين الإصلاح والإنقاذ المحدّدة بمهل زمنية عمومية، ولكن غير مترابطة ولا مرفقة بآليات أو مضبوطة ببرامج، وهذا ما يثير انطباعاً بأنّ الغاية من إدراجها في البيان الوزاري هي رفع العتب والخداع بوعود الإنجازات الوهمية.

على الجانب الآخر القوى الدولية امتنعت حتى اليوم عن فرض عقوبات على لبنان، لأنّها شديدة الحرص على استقراره، وهي تكتفي بإرسال التحذيرات إليه، لكنها في الوقت نفسه لن تتهاون في التزامه الإصلاح ووقف الانزلاق في المواجهة الإقليمية التي تدفع  إيران إليها دول المنطقة التي تحظى بالنفوذ فيها أو بالأحرى تديرها.

البيان الوزاري لم يكن واضحاً في طريقة الانتقال من عصر الظلمة إلى عصر الشفافية الذي يبشر به، فهل سيتم تطهير الإدارة وإجراء إحصاء دقيق لعدد العاملين في القطاع العام وتقديماتهم وإنتاجيتهم؟، ايضاً هذا سؤال يحتاج لإجابة على الأرض.
في المحصلة فإن الفوضى في لبنان قائمة على قدم وساق، والسلطة مستمرة في تجاوز القوانين تحت عنوان الضرورة ولمرة واحدة فقط وغيرها من التبريرات التي تنعكس سلباً على سمعة لبنان على الصعيد الدولي، اذ ان تجاوز القانون شكل من أشكال الفساد الذي يسري أيضاً على الاجراءات الاقتصادية والمالية والتجارية.

اليوم وبعد ان أطلقت يد حسان دياب رسمياً للعمل فعلى الحكومة اللبنانية تقديم برنامج إصلاحي طموح يبدأ بمعالجة المسائل المالية وتلك المتعلقة بالقطاع المصرفي، بالإضافة إلى البنى التحتية، خاصة على صعيد قطاع الكهرباء إضافة إلى قطاعات أخرى بحاجة لاهتمام فوري.
ولا يجب أن ننسى ان مسألة حجم الثقة التي نالتها الحكومة سيكون لها تأثير على مسار عملها، خصوصاً أنّ القوى الرئيسيّة الداعمة للحكومة تبدو مربكة أمام احتمال تراجع عدد الأصوات النيابيّة التي نالتها، في ظلّ الأصداء السلبيّة للبيان الوزاري وتنامي احتمالات انضمام نوّاب من الموالاة إلى نوّاب المعارضة، أقلّه في الامتناع عن التصويت وحجْب أصواتهم.

وفي الوقت الذي يتجهز فيه نواب للطعن في دستورية جلسة الثقة، فإن الرئيس اللبناني ميشال عون يرى أن لبنان تجاوز حالياً المرحلة الخطرة، وعادت السوق المالية أفضل مما كانت عليه قبل الأزمة الاخيرة. وقال لدى استقباله وفودا اقتصادية اليوم الأربعاء: مع تشكيل الحكومة تحسنت الأوضاع أكثر، وزال كذلك القلق النفسي عن اللبنانيين، فهل يظهر ذلك قريبا.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني