ظلامُ الحياةِ قاسٍ ... فانتبهوا!
ظلامُ الحياةِ قاسٍ ... فانتبهوا!

خاص - Wednesday, March 27, 2024 7:22:00 PM

مارفن عجور

يحاوطنا الظلام طوال أيّامِ حياتِنا فلا نعلم ما هو صحيحٌ وما هو غيرُ صحيحٍ وما هو مفيدٌ ما هو غيرُ مفيدٍ. نعيشُ في خوفٍ دائمٍ بلا توَّقف فتمرّ الأيام وتسبقنا ونحن نسأل، نخاف من المستقبل، نضيع في زوايا الآراء، في زوايا التشّبث، فلا اجابة مفيدة ولا اجابة مقنعة وأسئلتنا المتعدّدة لكلًّ منها إجابات متعدّدة.
نأتي إلى هذا العالم، نولَدُ في عائلةٍ، نحمل اسمها ونحمل اسماً يعرّف عنّا ونعتنق ديانةً ما ( الإسلام-المسيحية)، وندخل إلى مدرسةٍ فيكون كلُّ ذلك اختيارَ اهلِنا وديانتنا فهي مقرّرة، مفروضةٌ علينا.

ثم نكبر مع الأيام، نكبر منشئين على ديانتنا، ووسط عائلتنا وعاداتها وتقاليدها ومدرستنا وعقليتها، نستقي سلوكياتٍ متعدّدة، وننطلق في رحلتنا في المجتمع، حيث تنتظرنا عدّة عقليات، وعدّة طبقات، وعدّة ديانات، وعدّة أعراق، وعدّة أجناس، وعدّة عائلات، وهنا تبدأ حياتنا بالتغيّر، يبدأ الظلام يغطُّ عليها، نتعرّف على أناس في حياتِنا الجامعية، المدرسية، العملية، نقابلهم فتكون آراؤهم مناقضةً لنا، ويحاولون أن يقنعونا بوجهة نظرهم، والمشكلة التي أثارها العالم قديماً وحتى اليوم هي مشكلةُ الأديانِ ويا لها من مشكلةٍ تكاد تتطوّر مع الوقت فيقع ضحيّتها الأجيال والبشرية بكاملها! فاذا التقى رجلاً مسيحياً برجلٍ مسلمٍ لأقنع بعضهما بعض أنَّ كلُّ واحدٍ منهما على حق والثاني مخطئ بحسب الديانات، فيحاولا اظهار سلبياتهما وحسناتهما إلى أقصى حدود! فالكلامُ الدينيُّ كثيرٌ، كيثفٌ؛ واسعٌ، أعاجيبٌ وأقاويلٌ وغرائبٌ نسمعُها في كلَّ يومٍ في الكتب الدينية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي وفي الجرائد والصحف فيكون ضحيّتها سامعيها وقارئيها. من هنا، قد تثير الأديان مشكلةً كبرى لا حلَّ لها، وماذا لو تُرِكَ كلٌّ منّا يتبع ديانته براحةٍ وسلام؟ وماذا لو عولجت هذه المشكلة؟ فالدينُ أمرٌ مقرّر لا اختياري، ومسألة الأديان مسألةٌ شخصيةٌ لا نقاشٌ، وإن نوقشت فعلى الحدود أن تكون أساسها فلا توّلد نزاعاتٍ بين الناس، وتخلق مشكلاتٍ قد تكون تداعياتها سلبية، خطرة!

والمسألة لا تتوّقف عندَ مسألة الأديان، فكثيرةٌ هي المشكلاتُ التي تعصف بمجتمعاتنا ومن المشكلات التي أثارها العرب والأوروبيون في الآونة الأخيرة مشكلة "الشذوذ الجنسي" فأصبحت ثقافةً للشعوبِ، وأصبح هذا الأمر أمراً طبيعياً للبعضِ، فالتأثر أصبحَ وارداً وواضحاً في الوقت عينه، حيثُ "غسيل الدماغ" هو من يلعب دوراً كبيراً بين البشر، وكأنَّ المثلية الجنسية صارت تعلّم في المدارس، وخصوصاً في أوروبا حيثُ الانحراف الجنسي يصبح اليوم منتشراً بشكلٍ كثيفٍ، الرجل الذي يحب رجل، والمرأة التي تحب مرأة، فأين نحن من احترام الأديان؟ وكلمة الله؟ وماذا عن المسائل الجنسية التي تصير اليوم حديثاً عادّياً بين الناس، أم الشتائم المكثّفة؟ أم عدم الخجل من سوء الصيت وسوء السمعة؟
وهل أكثر من أن نرى عراةً عبرَ مواقع التواصل الاجتماعي ينشرون صورَهم بلا خجل؟ طمعاً بالمادّة وطمعاً بالمال؟ وخوفاً من كلامِ الآخرين؟
ومن هنا فإنَّ كلُّ ذلك يتعارض ومفهوم الحياة الأولى التي عشناها قبل تخبطّنا في المجتمع! وإن كنّا سنعيش في ظلامٍ فإنَّ التأثّر بكلام الناس هو الظلام عينه!

أنتقل فأتكلّم عن مشكلةٍ ثالثةٍ شائعة منذ القدم حتى عصرنا هذا، وهي مشكلةُ الخوفِ من كلام الناس ونظرتهم إلينا، فكلُّ ذلك مرتبط بعرقنا وجنسنا وطبقتنا الاجتماعية واعمالنا ونشاطاتنا، وإنّها حقًّا مشكلةٌ شائعةٌ لا تنفّك تعيد نفسها وتتطوّر مع تطوّر عقول الناس السلبية، فإن نظر كلُّ واحدٍ منّا لنفسه لوجد في نفسه ألفَ عيبٍ وعيب! لكنَّ هذه المشكلة تبقى مستمرة في ظلَّ خوف البعض من كلام الآخرين، حيثُ في ذلك يلعب التأثّر دوره، وينجرّ الكثيرون وراء بعضهم البعض، نحو الانحراف، يقتلون حرّيتهم، فيكونون في ذلك قد نشروا الظلام في حياتهم، بعدَ أن سمعوا وتأثّروا بكلامِ الآخرين، ناكرين حياتهم الأولى، وتبقى النزاعات قائمة بينهم وبين المجتمع والحياة سائلين أنفسهم أسئلة دائمة، وامّا تغلبهم الحياة امّا يغلبونها!
في السياق عينه، فإن التأثّر خوفاً من كلام الآخرين، هو أكبرُ ظلامٍ في الحياة، فاعتقادنا ان التأثّر والتقليد هما المفتاح نحو النور هو اعتقادٌ مخطئٌ وكثيرُ الخطأ!

خلاصة القول، ها نحن نولد، نتخبّط وسط آراء لامتناهية، نتأثّر، نسأل، وننذثر تحت الثرى دون اجاباتٍ واضحةٍ، الحياةُ دمعٌ عجزت أصابع يدينا عن مسحه، الحياةُ مسألةٌ عجزت أذهاننا عن حلّها، هي دائمةُ المعضلات والمعوقات والمخاوف والتحدّيات!
لكن مهما كانت حياتنا ظلاماً فعلينا ألّا نتأثّر فإنّكم قد رأيتم ما فعله التأثّر بعدَ عرضي للمشكلات الثلاث أعلاه!
ستبقى الحياة تلقي في تداعياتها علينا، لكن علينا أن نواجهها بكلَّ قوّتنا، ولا ندع اشباحها تهزمنا، ولا ننكر حياتنا الأولى حيث نشأنا!
فإنَّ البيئةَ الأولى هي من تحدّدنا
ألّا توافقونني الرأي؟

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني