تُعتَبَرُ مدينة صيدا عاصمة جنوب لبنان مركزاً مهماً للتنظيمات الإسلامية بجميع توجهاتها، فالمنطقة تعتبر معقلاً للجماعة الإسلامية وقوات الفجر بالإضافة إلى تيار الفجر الذي يقوده الحاج عبد الله الترياقي المُنشق عن الجماعة الإسلامية وتنظيم طلائع الفجر الذي يقوده الحاج حسين الكلش المُنشق عن تيار الفجر ويحمل هؤلاء فكر تنظيم الأخوان المسلمين.
ويأتي خلف ذلك جمعية الاستجابة التي تنتمي إلى الفكر السلفي "الوهابي" والذي يقودها الشيخ نديم حجازي، الذي يعتبره السلفيون في صيدا قائداً لهم.
وفي المرتبة الثالثة يأتي أتباع وأنصار الشيخ ماهر حمود وهو من أحد أهم مؤسسي الجماعة الإسلامية في لبنان، لكنه انشق عنها ليتولى إمامة مسجد القدس في صيدا بالإضافة إلى منصب الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المقاومة المدعوم من حزب الله، ويحمل الشيخ حمود فكر الأخوان المسلمين ويتخذه كمنهج عمل.
بالإضافة إلى هؤلاء، تحاول جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية المعروفة بتنظيم "الأحباش" الدخول إلى المدينة، ورغم محاولاتها المتكررة فهي لم تستطع لغاية الآن من ذلك، وهو ما أكَّده مصدر مطلع في الجماعة الإسلامية في حديث لموقع VDLNEWS مُشيراً إلى أنَّ "الأحباش" لا يتواجدون في صيدا بل يعتمدون على أنصار لهم يتواجدون في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين وعدد من اللبنانيين الذين يُقيمون في منطقة وادي الزينة في منطقة إقليم الخروب، لإقامة أنشطة لهم في مدينة صيدا.
ففي كل عام يُقيم الأحباش فعاليات بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، وفي هذا العام قاموا باستقدام حوالي الـ 30 شخصاً من المنطقتين المذكورتين وأقاموا حاجزاً في منطقة ساحة القدس في مدينة صيدا لتوزيع الحلوى على المارَّة، فهاجمتهم مجموعة مؤلفة من حوالي الـ 200 شخصاً من جماعة الشيخ السلفي نديم حجازي الذين يعتبرون أن الاحتفال بهذه المناسبة بدعة ولا أساس ديني لها.
أثناء هجوم السلفيين على الأحباش تدخَّل عناصر من الجماعة الإسلامية الذين يقطنون في هذه المنطقة بغية فضّ الإشكال، لكن الأمر صُوِّرَ وكأنَّه هجوم من الجماعة على الأحباش، حيث عمل عناصر الجماعة على تفريق المتواجدين في المكان بغية فضّ الإشكال، فقام أحد المنتمين لتنظيم الأحباش بإطلاق النار في الهواء من مسدسه الشخصي، ما أدَّى إلى تبادل لإطلاق النار بين العناصر على الأرض.
هنا تدخلت عناصر تتبع للشيخ ماهر حمود على خلفية مهاجمة السلفيين لامرأة تتبع للأحباش وتخليصها.
في هذا الوقت تدخَّل نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية ومسؤول الجنوب الدكتور بسام حمود وانتقل إلى مكان الإشكال وعَمِلَ على إنهائه، وشدَّد حمود على أنَّ عناصر الجماعة الذين تدخلوا في الإشكال ما هم إلَّا من أبناء الحي الذين عملوا على فض الإشكال، علماً أن أهالي الحي يرفضون ممارسات الأحباش ولا يحبذون تواجدهم هناك خاصة وأنهم ليسوا من أهل المنطقة ولا مدينة صيدا، لتتدخل الأجهزة الأمنية الرسمية والتي عملت على فرض طوق أمني في المكان وملاحقة المتورطين وأخذ إفادات الشهود.
ولكن ما هي خلفيات الإشكال؟ وهل فعلاً إحياء مناسبة المولد النبوي الشريف هي القضية علماً أنَّ الجماعة الإسلامية تحتفل بالمناسبة دون أي تدخّل من التيار السلفي؟
يكشف مصدر مطلع في جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية "الأحباش" في حديث لموقع VDLNEWS أنَّ الاحتقان موجود منذ مدَّة، وبدأ على خلفية شراء الجمعية عقاراً لتحويله إلى مركز لها في منطقة حي الزهور، وعقار آخر في منطقة الميناء الجديدة بالقرب من دوار الشهداء، بالإضافة إلى مركزها في شارع دلاعة في مدينة صيدا، وهو ما استفز بحسب المصدر القوى الإسلامية في المدينة والتي تعتبر الأحباش دخلاء عليها.
في المُحصِّلة فإنَّ ما حصل في مدينة صيدا اليوم من غير المستبعد ألَّا يتكرَّر في مناطق أخرى، خاصة وأنَّ الساحة السنية اللبنانية اليوم تعيش فراغاً مع غياب تيار المستقبل والتأثير الضعيف لدار الفتوى، ومحاولة كل طرف فيها استمالة أبناء الطائفة الأكبر في لبنان إلى صفِّه، فهل نشهد صراعاً فيما بين الإسلاميين ينتهي بتثبيت طرف كزعيم للطائفة ليرث تيار المستقبل؟!.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا