العربية
أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، الجاهزية لخوض "معركة استنزاف طويلة" مع إسرائيل في قطاع غزة، بإسناد من حلفائها الإقليميين المدعومين من إيران، وذلك بعد دخول الحرب شهرها الثاني عشر.
وتولى السنوار رئاسة حركة (حماس) في أغسطس خلفا لإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران بعملية منسوبة لإسرائيل. وأتى موقف زعيم الحركة الذي لم يظهر علنا منذ اندلاع الحرب، في رسالة إلى زعيم الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي، أشاد فيها بإطلاقهم صاروخا باليستيا سقط في وسط إسرائيل، الأحد.
وغداة تحذيره المتمرّدين في اليمن بدفع "ثمن باهظ" لتلك العملية، توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاثنين بإجراء "تغيير جذري" عند الحدود مع لبنان، حيث يتواصل تبادل القصف اليومي مع حزب الله، الحليف كما الحوثيين اليمنيّين، لطهران.
في ظل هذه المواقف، تتواصل الحرب الأطول في تاريخ الصراع من دون أفق لحلّ يوقف القصف والمعارك في قطاع غزة المحاصر والمدمّر، وحيث قتل أكثر من 20 شخصا جراء قصف إسرائيلي، بحسب ما أفاد مسعفون ومصادر طبية فلسطينية.وقال السنوار في رسالته التي وزّعها الحوثيون وحماس "أبارك لكم نجاحكم بوصول صواريخكم إلى عمق كيان العدو، متجاوزة كل طبقات ومنظومات الدفاع والاعتراض، ولتعيد وهج معركة طوفان الأقصى وتأثيرها على قلب (تل أبيب) من جديد".
وأضاف أن العملية "النوعية... ترسل للعدو رسالة عنوانها أن خطط الاحتواء والتحييد قد فشلت وأن تأثير جبهات الإسناد بدأت يأخذ منحى أكثر فعالية وأعظم تأثيرا على طريق حسم المعركة".
وشدد السنوار على "أن المقاومة بخير". وتابع "أعددنا أنفسنا لخوض معركة استنزاف طويلة تكسر إرادة العدو السياسية، كما كسر طوفان الأقصى إرادته العسكرية"، في إشارة إلى هجوم السابع من أكتوبر غير المسبوق الذي شنته الحركة على إسرائيل وتسبّب باندلاع الحرب.
وكان القيادي في حماس أسامة حمدان أكد لفرانس برس أنّ "قدرة المقاومة على الاستمرار عالية وستتواصل"."إخواننا في المقاومة"
وتوعّدت إسرائيل بـ"تصفية" السنوار الذي تتهمه بأنه كان أحد المخططين الرئيسيين لهجوم السابع من أكتوبر.
ومنذ بدء الحرب في غزة، تصاعد التوتر بين إسرائيل وحلفائها من جهة، وإيران وتنظيمات إقليمية حليفة لها أبرزها حزب الله والحوثيون وفصائل عراقية.
ورأى السنوار في رسالته إلى الحوثي أن "تضافر جهودنا معكم ومع إخواننا في المقاومة الباسلة في لبنان، والمقاومة الإسلامية في العراق سيكسر هذا العدو وسيُلحق به الهزيمة".
وتبنى الحوثيون مرارا إطلاق صواريخ ومسيّرات نحو إسرائيل. كما يستهدفون منذ أشهر سفنا في البحر الأحمر يعتبرونها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إليها، دعما للفلسطينيين في غزة.
بدوره، بدأ حزب الله منذ الثامن من أكتوبر، باستهداف مواقع عسكرية في شمال إسرائيل، وفتح ما يعتبرها "جبهة إسناد" لحماس وغزة. وتقوم إسرائيل بدورها بشنّ غارات وقصف ضد "بنى تحتية" للحزب ومقاتليه.
وحذّرت إسرائيل مرارا من أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، وأنها ستعمل على تغييره بالدبلوماسية أو القوة.
وقتل خلال هذه الفترة 624 شخصا على الأقل في لبنان وفق تعداد لوكالة فرانس برس، بينما قُتل 50 شخصا على الجانب الإسرائيلي بما في ذلك الجولان السوري المحتل، وفق الجيش.
وأدت هذه المواجهات إلى نزوح عشرات الآلاف من اللبنانيين والإسرائيليين."تغيير جذري" مع لبنان
وتشدد واشنطن على ضرورة تجنّب الحرب بين الطرفين. وزار أموس هوكستين، مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن، لبنان وإسرائيل مرارا لهذا الغرض، وبدأ الاثنين زيارة جديدة لتجنّب التصعيد.
وأبلغ نتنياهو هوكستين بأنه يسعى إلى "تغيير جذري" مع لبنان. وقال بحسب بيان لمكتبه إنه "لن يكون ممكنا إعادة السكان النازحين من دون تغيير جذري في الوضع الأمني في الشمال".
وأكد أن "إسرائيل تقدّر وتحترم دعم الولايات المتحدة، لكنها في النهاية ستفعل ما هو ضروري للحفاظ على أمنها".
بدوره اعتبر وزير الدفاع غالانت لدى لقائه المبعوث الأميركي أن الوقت "ينفد" مع حزب الله "مع استمرار ارتباط حزب الله بحماس ورفضه وضع حد للنزاع".
وأضاف بحسب بيان لوزارة الدفاع "لذلك، فإن السبيل الوحيد المتبقي لضمان عودة سكان شمال إسرائيل إلى مناطقهم سيكون من خلال عمل عسكري".
وكان غالانت أبلغ في وقت سابق نظيره الأميركي لويد أوستن بموقف مماثل.
وحذّر نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في خطاب ألقاه في بيروت السبت من أنه "إذا شنَّت إسرائيل الحرب فسنواجهها بالحرب وستكون الخسائر ضخمة بالنسبة إلينا وإليهم أيضا".
"حكومة قتلة مجرمين"
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل وتسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس، يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد أسرى قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف وهجوم بري على غزة، مما أسفر عن سقوط 41226 قتيلا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أنّ غالبية القتلى من النساء والأطفال.
وتسبّبت الحرب بدمار هائل في القطاع المحاصر وأوضاع كارثية لسكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وقتل أكثر من 20 شخصا خلال الساعات الماضية جراء القصف الإسرائيلي في قطاع غزة، بينهم عشرة على الأقل في غارة على منزل وسط القطاع.
وأكد مصدر طبي في مستشفى العودة "ارتفاع عدد الشهداء إلى عشرة وإصابة 15 آخرين ... في استهداف صاروخي لمنزل عائلة القصاص في مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة".
من جانبه، أكد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل عدد القتلى، مشيرا إلى أن الغارة وقعت صباح الاثنين.
وأظهر فيديو لفرانس برس في مستشفى العودة عشرات الفلسطينيين يؤدون الصلاة على الضحايا الذين لفّ بعضهم بأكفان بيضاء غطتها الدماء، قبل أن يحملوهم على الأكف لمواراتهم الثرى.
وقال راشد القصاص الذي طالت الغارة منزله، لفرانس برس "استهدفوا بيتي ونحن نائمون بدون سابق إنذار، واستشهد عدد كبير من أبناء أسرتي في البيت وأحفادي الصغار".
ووجّه رسالة "إلى العالم، بأن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وحكومته حكومة قتلة مجرمين... سنستمر في المقاومة حتى دحر هذا الاحتلال".
إلى ذلك، قتل ستة أشخاص في غارة جوية ليلا طالت منزلا يعود إلى عائلة بصل في حي الزيتون بمدينة غزة (شمالا)، وفق ما أفاد المتحدث باسم الدفاع المدني.
ويواجه نتنياهو ضغوطا خارجية وداخلية لا سيما من عائلات الأسرى، لإبرام اتفاق مع حماس يعيدهم لديارهم.
وعلى رغم بذل الولايات المتحدة وقطر ومصر جهود وساطة منذ أشهر، فلا تزال مواقف طرفي النزاع متباعدة حول نقاط عدة، أبرزها إصرار نتنياهو على إبقاء قوات إسرائيلية عند الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر المعروف بـ"محور فيلادلفيا". في المقابل، تطالب حماس بانسحاب إسرائيلي كامل.
إلى ذلك، يتوجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس الثلاثاء إلى مدريد في زيارة رسمية تستغرق 48 ساعة، وذلك بدعوة من إسبانيا بعد اعترافها بدولة فلسطين، بحسب مصدر رسمي فلسطيني.
وفي وقت سابق الاثنين، تسلم ملك إسبانيا فيليبي السادس أوراق اعتماد حسني عبد الواحد، أول سفير لدولة فلسطين في إسبانيا، بعدما اعترفت بها مدريد في مايو الفائت.