جورج غرّة 

جلسوا بالأمس كلهم امام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الصنوبر، ويا للمكان من معان لأجدادهم جميعهم، منهم من كان يحمل الهاتف تحت الطاولة محاولا ترجمة ما يقوله ماكرون، لانه أمير حرب ولم يدخل المدرسة، ومنهم من كان صامتا كـ"الأطرش بالزفة"، ومنهم من لم يتجرأ على الكلام لانه لا يحمل خارطة طريق بل يحمل اتهامات وكلاما بات "ممجوجا ومعلوكا". 

منهم الآخر من كان كلامه موزونا واعجب به ماكرون ومنهم من "تأتأ كلمتين Bonjour ca va؟". امام ماكرون جلسوا الى طاولة صغيرة وسمعوا كلامه ووضعوا رؤوسهم أرضا، ولم ينظروا بعيون بعضهم البعض لانهم جماعة تحقد على بعضها البعض، ولانهم هم من سرقوا لبنان ودمروه وهم امراء الحروب ومجرمو الاغتيالات والعمليات الامنية، لانهم هم من على انيابهم الدم ولحم اللبنانيين، لانهم هم من يتمسكون بالكراسي ويخافون من السجون، لانهم هم من نهبوا لبنان وخزينته، كيف يمكن لسارق مليارات ان يبقى في منزله ويحاضر بالعفة وان يتمتع بحماية طائفية؟  

كيف لمن كذب على شعب بسياسات مالية على مدى سنوات ان يبقى غير معلق بحبل على عنقه في وسط ساحة الشهداء؟ كيف لزعيم طائفة في رقبته آلاف القتلى ان يجلس الى طاولة مع رئيس دولة عظمى؟ كيف لزعيم ضيعة ان يصمت امام هول الحدث لانه لا يعرف سوى مهاجمة شخص "شال اللقمة من تمو".  

قبل ان تحط طائرة ماكرون اطلوا في مؤتمرات صحافية سياسية، ويا للعار كانوا لا يزالون يتآمرون على بعضهم البعض ويشتمون بعضهم البعض، وفي قصر الصنوبر كالخواريف الذاهبة الى الذبح يجلسون يسمعون التعليمات ولا يتجرؤون على النظر بمن قال لهم "انتم فاسدون ولم تفعلوا شيئا للشعب اللبناني وباستهتاركم قتلتموه وشردتموه ودمرتم منازله وسياراته.

 وها انتم مفلسون ليس بسبب سياسات ما بل بسبب سرقاتكم في كل الوزارات التي أتيتم فيها ومن بعدها اتى فيها اولادكم واعوانكم. فلتذهبوا الى مزبلة التاريخ، ولكنهم لم يفهموا الفرنسية لانهم جهلة وقتلة وكاذبون وسارقون وفاسدون. ويا ليتهم ينزلون الى شارع الجميزة جميعهم معاً لكي يروا الانفجار الحقيقي والبركان الشعبي.  

خرجوا من قصر الصنوبر، يرفعون رؤوسهم وكأنهم حققوا نصرا الهيا امام الكاميرات وظهروا كالوحوش الكاسرة التي لا تخسر، وفي الداخل كان ماكرون ينظر الى عيونهم واحدا واحدا وهو يعرف عنهم كل شيء، يعرف انهم مجرمون وسارقون وفاسدون وعملاء لكل دول الغرب.

فيا فخامة الرئيس ماكرون... من كنت معهم يكذبون عليك بانهم سيسعون الى اتفاق سياسي، لانه بعد الاتفاق سينقلبون عليك وعلى الوطن وعلى انفسهم، وإذ نسيت انقلاباتهم يمكننا تذكيرك بها. وفي ايلول، عندما تعود، أحضر معك آلة لكشف الكذب وكرسياً كهربائياً ايضا ربما تفيد شعباً لبنانياً بكامله. 

هؤلاء لا يفهمون الا بالكلام القاسي والنفي والسجن والتنكيل، هؤلاء لم يعد شعب بكامله يريدهم، فعلا نريد التغيير، لا الإنتداب كما يطالب بعض السخفاء، نريد تغيير نظام كامل، نريد قتل نظام طائفي قتل احلام شعب بكامله، لا نريد ان نعيش كما عاش اهلنا في الحرب والدمار والاغتيالات والنهب، نريد ان نكون دولة منزوعة السلاح، ومن يريد السلاح فليذهب الى دولته الأم وليحرسها هناك وليضحِّ باولاده من أجلها، لانه في لبنان نريد ان نعيش كما الشعوب الطبيعية التي تقرر مصيرها بنفسها، وإلا فيا "أمنا الحنون فرنسا" صدورنا باتت جاهزة للبوابير.