"حمل الصليب على صدره حتى النفس الأخير"... بعد البحث عنه لأيام عُثر عليه تحت ركام الموت:"جو عقيقي حبيب الكل" أسلم الروح بانفجار المرفأ
"حمل الصليب على صدره حتى النفس الأخير"... بعد البحث عنه لأيام عُثر عليه تحت ركام الموت:"جو عقيقي حبيب الكل" أسلم الروح بانفجار المرفأ

خاص - Friday, August 7, 2020 11:38:00 AM

هل تعتقدون أن من قضوا في انفجار عنبر الموت في المرفأ هم أموات حقاً؟ لا وألف لا! هؤلاء هم الأحياء لأنهم يعيشون في مكان أجمل اليوم بلا أزمة دولار ولا مستقبل مفقود ولا كورونا فتاكة وبلا عهد قوي أو جمهورية أقوى... هناك حيث لا طائفية ولا انتماءات سياسية ولا بلطجية ولا حكام ولا حروب ولا عنابر ولا مرافئ...
هؤلاء ربحوا الحياة الأبدية في جوار الرب حيث السلام والألفة... أما نحن، نحن هم الأموات الذين أعدموا أحياء، البعض منا ليس لبنانيا منذ أكثر من 10 سنوات لأن عمره لم يلامس الـ10 أصلا، لكن طفولته لم تحمه من انفجار المرفأ!
نحن الأموات لأن جذورنا لبنانية، تلك الجذور التي تشبثت بالأرض باحثة عن عدالة لن تجدها الا في السماء...
جو عقيقي، هل سمعتم عنه؟ وكيف لا؟ ومن منا لم يسمع عن ابن كفرذبيان الكسروانية، من منا لم يسمع أن جو ابن الـ25 عاما كان يعمل في المرفأ لحظة فتحت حفرة الموت في مدينة الحياة، وفقد أثره منذ ليل الثلاثاء، ليتبين في ساعات الصباح الأولى اليوم أنه تم العثورعليه جسدا فاقدا لروح حلقت نحو السماء حيث الراحة الأبدية!
مختار كفرذبيان وسيم مهنا، الذي لطالما تواصل مع الاعلام بهدف تنمية منطقته بفرح وحماس، اليوم بالتحديد وللمرة الأولى على الاطلاق اختنقت الكلمات في حنجرته وامتجزت بوابل من الخيبة والحزن.
مهنا تحدث لموقع VDLnews عن عقيقي ابن بلدته قائلاً: "والدة جو هي أطيب وأحن معلمة مدرسة في كفرذبيان، ربّت جو على المبادئ والقيم فكبر وأصبح ذلك الشاب الخدوم والقوي، الذي لا يتوانى عن خدمة الجميع".
مهنا وصف الشاب الشهيد بـ3 كلمات: "جو حبيب الكل"، وتابع حديثه بالقول: "كان يتخصص بهندسة الكهرباء في الـNDU ويعمل في المرفأ في الوقت عينه، هناك كان يعمل داخل الاهراءات بالكهرباء".
لم يتمكن مهنا من ايقاف ذرف دموعه عندما قال: "الدوام الرسمي لجو هو من الساعة 8 صباحا وحتى الـ3 من بعد الظهر، الا أنه وفريق العمل الذي يداوم معه يجب أن يعملوا مرة في الشهر لمدة 24 ساعة متواصلة".
"لم يكن جو يعلم أن 4 آب المشؤوم سيكون دوره للقيام بهذه المناوبة، بلغوه بالأمر قبل انتهاء دوامه فتواصل مع والدته وقال لها ألا تنتظره لأنه مجبر على البقاء في المرفأ، لكنها انتظرته وانتظرته وعاد محملا بعد أيام من الدمار النفسي الشامل والوقت الذي لم يجد لنفسه طريقا للمرور لأن الانتظار هدّه!"، وفق ما قال مهنا.
وأضاف: "هذا كان آخر اتصال بين جو الحبيب ووالدته قبل أن تحل الكارثة وينفجر المرفأ ومعه قلوبنا، فقدنا الاتصال بجو وبالرغم من محاولاتنا الحثيثة لم نتمكن من الوصول اليه".
وتابع مهنا: "أيام وساعات ودقائق وثوان مرت وكان الدمع الصامت سيد الموقف، أسكتناه حتى لا يجلب الحظ السيء، انتظرنا أن يتدخل القديسون وأن يكون ابننا قد نجا بأعجوبة من تحت الردم المشؤوم، الا أن الدمع كان أعلم فرسم طريقه ليكوي قلوبنا بحرقة الوداع المشؤوم".
مهنا تابع قصة العثور على جثمان جو قائلا: "عندما عثر على جثة شككنا بأنها لجو، فحملها الدفاع المدني وتوجه بها الى مستشفى بعبدا الحكومي الا أنه رفض استلامها ولا زلنا لا نعرف السبب... تواصلت مع ادارة مستشفى السان جورج في عجلتون التي تعاونت معنا على الفور، كما تواجدت معنا فصيلة عشقوت التي ستقوم بالخطوات المتوجبة لنتمكن من استلام الجثة، على أن تقام مراسم الدفن في كنيسة مار أنطونيوس في البلدة غدا عند الساعة الثالثة من بعد الظهر".
وعن الصليب الذي كان جو يحمله برقبته والذي ضجت بصورته مواقع التواصل فقال مهنا: "هذا الصليب لطالما رافق جو، حمله على صدره وفي قلبه دائما، هو الذي لطالما كان ابنا بارا للكنيسة وحبا لعائلته وللناس، حمل الصليب حتى النفس الأخير، واليوم لا بد أنه بجوار المسيح ينعم بدفء سلام فقده بلدنا!".
هل تسألون ماذا سيحصل غداً؟ هل تبحثون عن خيوط أمل بعد؟ لا تفعلوا لأن شبان وشابات الأمل فقدوا تحت الأنقاض... رحلت بيروت ورحلوا معها... المسيح قام!

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني