"ليتكِ لم تزنِ"
"ليتكِ لم تزنِ"

خاص - Saturday, August 8, 2020 9:59:00 AM

الاعلامي د. كريستيان أوسي


‎‏أبيروت هي الثكلى، أم نحن هم الثكالى؟
أنبكي عاصمتنا أم أن عاصمتنا هي من تذرف الدمع علينا ؟
أهو قدرنا نحن أن نعاني من بيروت أم هو قدر بيروت أن تعاني من مواطنيها ؟

لا يهمّ ما الجواب، فبيروت، عروس المتوسط، متّشحة بالسواد وقد فقدت مرفأها وناسها وبيوتها العتيقة وذكرياتها وأمسياتها اللطيفة في الجميزة ومار مخايل والأشرفية وبرج حمود والزلقا وجل الديب وراس بيروت..

لا يهمّ ما الجواب فلقد خسرنا أحبةً ومصادر رزق، ورأينا بأم العين عاصمتنا تنزف دمًا ودمارًا ، فما‏ أصاب بيروت أصابنا وما أصابنا طال بيروتنا ولبناننا .

هو القرف إجتاحنا بعد الألم الذي اعتصر قلوبنا وقلوب كل محبي لبنان في أربعة أصقاع الأرض جزعًا وخوفًا علينا.

هو القرف ملأنا من سلطة سياسية تمارس كل شي الا المسؤولية .

أطنان من الموت تكدَّس في عنبر في قلب العاصمة لسنوات، وليس من يعمل على إخراجها... لا بل أن الكل يرمي بالمسؤولية على الكل، وكل فريق يشير بالإصبع إلى الاخر، علماً أنّ أربع سنوات تكاد تمر على انطلاقة العهد والقنبلة المخيفة جاثمة تحت أقدامنا، وأتى انفجارها المخيف ‏في لحظة، ليقضي على ما لم تتمكن منه سنوات طويلة من الحروب والاجتياحات والاقتتالات والتفجيرات والصراعات والانتفاضات.

خلال كل تلك السنوات المرة إستمر مرفأ بيروت :
احترق في خلال الحرب لكنه استمر، سرق ونهب لكنه استمر.
عانى حروبًا وانقسامات لكنه إستمر، تحول خطوط تماس بين المتقاتلين لكنه إستمر رئة لبنان وشريان حياته، مثله مثل مار مخايل والجميزة والأشرفية وكل مناطق بيروت التي راهنت مع ناسها على الحياة، تقبل عليها بالرغم من الحروب والنيران، تعاود العمران بالرغم من الخراب، وتستمر في السهر والعيش رغما عن إرادات القهر، لتعيد لبيروت رونقها.
لحظة واحدة كانت كافية لتزيل بعصف مجنون ملامح الحياة، وتمسح عن صفحة الارض ما لم تتمكن منه كل المؤامرات والأيام السود .

هو شعور القرف يغمرنا من لا مسؤولية المسؤولين، ومن استهتار المعنيين، ومن استخفاف من أوكلت إليهم الادارة بما كان يفترض أن يقوموا به، فإذا بهم، بما فعلوا،حققوا ما لم تحققه إسرائيل في العام 1982 و1996 و2006، كما لم تتمكن من تحقيقه نزاعات أهل الداخل، وتدخّل أهل الخارج، والانقسام اللبناني في عز ذروته.
بلا مسؤوليتهم وعدم أقدامهم على فعل ما كان يفترض فعله سمحوا للانفجار بان يكون، وأن يزيل في لحظة كل ما راكمنا لفعله طوال عقود من الزمن ،فكانوا عن حق المجرمين بحق الوطن والمواطنين ...

لكن على امتداد هذا النفق المظلم برز أفق نور ترجمته عاصمة التعاطف الدولية مع لبنان وسيل المساعدات الذي بدأ والتحرك الفرنسي الفاعل والسريع وتوالي الطائرات التي تحمل المساعدات من روسيا إلى القارة الأميركية..، وصولاً إلى الحركة الأممية التي ستظهر في مجلس الأمن الدولي، وهو ما يتعارض بالمجمل مع حال العزلة التي كان يعيشها لبنان منذ سنوات .

هو الأمل الوحيد الباقي لنا إذن، فالأصدقاء والأشقاء الحقيقيون انبروا لمدّ يد العون إلى الوطن الصغير الذي لطالما شكل جسر التقاء وحوار بين ‏عالمين متناقضين، فيما أهل السياسة عندنا على غيّهم وغيابهم، حتى صح في السلطة القول :
"ليتك لم تزنِ ولم تتصدقي"

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني