إليكم الأهمية الاستراتيجية لـ"اتفاقات السلام" ضدّ إيران
إليكم الأهمية الاستراتيجية لـ"اتفاقات السلام" ضدّ إيران

خاص - Wednesday, August 26, 2020 7:04:00 AM

كريم حسامي
احتدمت الحرب الأميركية-الإيرانية على أرض لبنان واجتمعت كل العناصر لدخوله بنحو "أعمق" في النفق المظلم، خصوصاً بعد زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف ووكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، في آن، الأسبوع الماضي، وهذا ما يظهر جلياً بالجمود السياسي القاتل حول الملف الحكومي المتوقع أن يطول حتّى الانتخابات الأميركية مع انهيار اقتصادي مريع.
ولإدراك حجم النفق التي دخلناه وعمقه ومدى خطورة الأوضاع، ليس علينا سِوى ملاحظة كيف أن زيارة رئيس دولة كبيرة مثل فرنسا لم تحدث أي فارق بعد تهميش دورها في دهاليز النزاع الدولي الكبير بين أميركا وإيران. فإذا ماكرون لم يستطع إحداث فارق، ليس لدينا إلّا القوتين المتصارعتين لـ"انقاذنا" لأنهما المعنيتين مباشرة بالأوضاع ولديهما النفوذ المباشر على أدواتهما.
وبين اقتراب موعد تمديد مهمة "اليونيفيل" مع احتمال كبير لادخال تعديلات على القرار توازياً مع انتظار زيارة شينكر المرتقبة الى لبنان التي تترافق مع تهديدات قوية بفرض عقوبات على سياسيين فاسدين يعرقلون الحل السياسي في البلد ضمن "ماغنيتسكي"، ما يُسبّب مزيداً من الاضرابات، أصبح أكيداً أن إعادة إعمار بيروت والمناطق المتضرّرة، التي تتطلّب بين ثلاث إلى 5 سنوات وملايين الدولارات، لن تأتي دون مقابل.
في غضون ذلك، زار وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إسرائيل والسودان ثم الامارات للتأكيد على التحالف الاسرائيلي-الاماراتي المحسوب جيداً ضدّ إيران وتعميقه أكثر قبل أن يقوم كوشنر بزيارة إلى إسرائيل والامارات أيضاً أوائل أيلول.
فلم يكن هناك أي حالة حرب سابقاً بين اسرائيل والامارات لذلك لا يُسمّى اتفاق سلام بل تحالف أمني-عسكري، والدليل هو إصرار الامارات والولايات المتحدة على بيع أبو ظبي أف-35 وهذا ما يعمل عليه ترامب وكوشنر. وتأكيد قرقاش على أن "اتفاق السلام" يأتي ضمن مبادرات سلام أخرى يعمَل على تحقيق آخر خطواتها بومبيو وكوشنر في جولاتهما، خصوصا بعد توجه بومبيو في رحلة مباشرة من تل أبيب إلى السودان للمرة الأولى، على ان تنطلق أول رحلة طيران تجارية بين إسرائيل والإمارات في غضون الأسبوع المقبل، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.
وهدف الزيارات أيضا جهود الولايات المتحدة لعقد قمة سلام في الشرق الأوسط في الأسابيع المقبلة تضم البحرين وعمان والمغرب والسودان وتشاد وإسرائيل والإمارات، واحتمال مشاركة السعودية ومصر والاردن.
أمّا أهداف "اتفاقات السلام" الحقيقي وغير المعلن التي ستزيد التوترات والحروب، وفق الخبراء العسكريون، فتتلخّص بالتالي:
أولاً، يريد ترامب عبر تبني اتفاق "ابراهم" وإظهاره كإنجاز تاريخي يوحّده مع خصمه بايدن الذي دعمه، أن يضع إسرائيل على الشاطىء الغربي للخليج وتكون في قلب الجزيرة العربية، أي أن تكون قريبة من إيران وعلى حدودها مباشرةً.
ثانيا، عند النظر إلى خريطة إيران نجد معظم المفاعل والمنشآة النووية الإيرانية تقع على الخليج مثل "فوردو"، "أراك"، "بوشهر" و"نطنز"، فضلاً عن وجود معظم حقول النفط والغاز الإيرانية على الخليج وموانىء التصدير. ولهذا السبب، استُفزّت الجمهورية الإيرانية وبدأت تهديد الامارات بعواقب وخيمة إذا وقع أي حادث تتحمل مسؤوليته إسرائيل.
ثالثاً، الممرات المائية والسيطرة تُعتبر جزءاً من الحرب. فمعظمها تحت سيطرة الإمارات بشكل أو بآخر مثل باب المندب الذي يُسيطر عليه المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني المدعوم إماراتياً وتُسيطر مع عمان على الناحية الثانية من مضيق هرمز إضافة إلى ميناء الفجيرة فيما تُسيطر إيران على ميناء الحديدة.
رابعاً، أصبح لدى دولة الإمارات ذراع قوي وأصبح لديها أذرعة في معظم المنطقة العربية والشرق الأوسط وهذا ما أكّد عليه بومبيو عند لقائه نتنياهو وقوله إنّ "أميركا ستحمي الإمارات".
خامساً والأهمً، لماذا تصر الإمارات على شراء أف35 أو الشبح وتؤكّد الا حالة حرب مع إسرائيل ما يسمح لها بشرائها وتوافق عليه واشنطن بغض النظر عن الرفض الاسرائيلي المقنّع؟ السبب هو الرغبة والاصرار الكبيرين لوجود هذه المقاتلات المتقدمة جدّاً في قواعد في الخليج على مقربة من إيران لضربها بدلاً من أن تأتي من قواعد في تل أبيب أو فلوريدا.
إلى ذلك طلبت الامارات من اسرائيل أنظمة دفاع جوي ضد المسيرات لتحصين نفسها من صواريخ الحوثيين ومسيراتهم الذين أرسلوها الى مطاري دبي وأبو ظبي العام الماضي.
سادساً، أصبحت إسرائيل جارة البحرين وقطر والكويت وعمان والسعودية، فالاسرائيلي يحتاج للإمارات من اجل الاستفادة منه كموقع عسكري وأمني للتجسّس بشكل أعمق وأسهل على الجمهورية الإيرانية والتحكّم بالجزيرة العربية وبحر العرب، وهذه الخطّة البعيدة المدى الناجحة بأولى خطواتها.
أخيراً ولكل هذه العوامل، تعيش المنطقة تحولات خطيرة جدّاً ونحن على أبواب تطوّر غير عادي ومسبوق على كل الصعد في الجزيرة العربية، لكنه لصالح إسرائيل ومقدمة لتغييرات جذرية في التحالفات بين دول المنطقة خصوصا تركيا وإيران.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني