زمن الكبار
زمن الكبار

خاص - Saturday, August 29, 2020 10:15:00 AM

الاعلامي د. كريستيان أوسّي

محزنٌ ما تشهده وسائل التواصل الاجتماعي من مُدونّات وآراء لا تعكس الا توتُراً وحقداً متجذراً في النفوس...
محزنٌ أكثر أنّ الغالبية الساحقة من هؤلاء الناشطين، من جيلِ شبابٍ لم يعش تلك الايام السود، يوم كان المسيحيون يتقاتلون وتتآكل قواهم، ليضعف معها حضورهم في الدولة.
الا يدرك المعنيون والقيّمون على هذه الطبقة من جيلٍ، يُفترض ان يكون هو حجر الزاوية للبناء المستقبلي للوطن، أنّ تعميق الحقد والكراهية في حقِّ الفريق المقابل، لن يكون إلا سبباً لنكء الجراح وتكرار نزيف القدرة، في وقتٍ أحوج ما يكون اللبنانيون الى توحيد الجهد والمقدرات؟

هل يعرف هؤلاء الشباب شيئاً عن 7 تموز (الصفرا)، او 27 ايلول (إقتحام الاشرفية) او الانتفاضات داخل الصفّ الواحد؟
هل يعرف هؤلاء شيئاً عن 30 كانون الثاني 1990، يوم اندلع اول صدام بين الجيش والقوات في مدرسة قمر في فرن الشباك، وأدى الى نشوب ما عُرف بحرب الإلغاء؟
هل يعرفون شيئاً او هل تعني لهم هذه الاسماء شيئاً: ماد ماكس، خليل كنعان، جود البايع، غيث خوري؟
هل تدغدغ آلامهم أسماء مثل: معركة القليعات، البراد اليوناني، النبعة، ثكنة كسارجيان، ثكنة عمشيت؟ ...
أم هل سيتذكّرون أي شيء عن شاكر أبو سليمان والاباتي بولس نعمان والمهمة التي قاما بها لإخلاء بعض العسكريين في خضّم حرب ضروس أودت بحياة المئات من الشباب والمسلحين والعسكريين، ودمرت منطقة بناسها واقتصادياً؟
هل يذكرون شيئاً عن "جبهة الحرية والانسان"، عن كمال يوسف الحاج، عن شارل مالك، جواد بولس، فؤاد أفرام البستاني، إدوار حنين، نصري المعلوف؟
هل يعرفون أي معنى لاسم جوزف عاصي، شبل عيسى الخوري، الباش مارون، لويس ابو شرف؟
هل قرأوا شيئاً عن فروسية سليمان فرنجية الجد، وشمولية وصمود كميل شمعون وجبروت بيار الجميل وعنفوانه و ضمير ريمون إده و من أين لك هذا ؟
هل استمعوا الى "صوت لبنان" في العام 1958 تصدح دفاعاً عن لبنان بصوت جوزف أبو خليل، او الى إذاعة "لبنان الحر" تواكب بصوت سجعان قزي الانكسارات التي رافقت معركة الجبل؟
ليت القيمين على هؤلاء الشباب يزرعون في عقولهم نبذات عن إنجازات الكبار الذين صانوا المجتمع، فحفظوا الوطن، بدل أن يسمحوا لهم بإذكاء نار خلاف تستعر لتقضي على حاضر او على أمل بمستقبل لهم؟
ليتهم يعلّمونهم كيف تجاوز فخامة الملك كميل نمر شمعون محنة جهله لمصير ابنه داني بعد إنهاء ميليشيا النمور، واتصل هاتفياً ببشير داعياً الى اجتماع طارئ للجبهة اللبنانية لأن مصير المجتمع والوطن على المحك، وأنا على ذلك شاهد.
ليتهم يعلّمونهم كيف إرتقى بشير فوق دماء ابنته مايا يوم كان هو المقصود بتفجير نزلة الاشرفية.

في بناء الأجيال توضع مداميك المستقبل وفي زرع الاحقاد فيهم تُدَكُّ اسس الغدّ، أفلا يتعظ القيّمون ويرصوا صفوف أتباعهم ليسيروا على درب الكبار...
كبارٌ زرعوا فينا الفخر والأمل يوم كانوا!

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني