الإعلاميّ د. كريستيان أوسّي

ما شهده لبنان في الفترة التي انقضت من العام 2020، يستحق ان يُسَجل في كتب التاريخ أو الارقام المستحيلة، خصوصاً وأنّ تأثير كل حدث طرأ بدا كبيراً بشكل لم يعهده اللبنانيون من قبل.
في هذا العام بالذات، وعلاوة على مندرجات "كورونا "التي لفّت العالم، فقد اللبنانيون مدّخراتهم، خسروا قيمة عملتهم الوطنية وعاينوا هبوط قطاعهم المصرفي النشط، ولمسوا الفقر، هم الذين إعتادوا الهناء في العيش والرخاء في التصرف.
في هذا العام بالذات، أقفلت مؤسسات، أفلست مصانع، حوصرت البلاد، عربياّ ودولياً، مُنِعت عنا الموارد، أقبلت علينا العقوبات.
في هذا العام، دمّر انفجار مريب بيروت في شقّها المسيحي.
زادت الكلفة على عشرات المليارات من الدولارات.
احترق مرفأ بيروت المدمّر مجدداً في شكل مستغرب.
توتّرت الأجواء السياسية، بعدما طالت عقوبات الولايات المتحدة، بشكل غير مباشر، رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لطالما شكل قناة التواصل "الشيعية" مع الوسطاء والموفدين الاميركيين.
في هذا العام بالذات، بدتْ الدولة بسلطتها في أدنى مرتبات حضورها، ظهرت ضائعة، عاجزة، فاقدة القدرة على التحرّك أو اجتراح الحلول...
في هذا العام، اضطرت دولتنا المعوّقة الى الرضوخ وسماع تهديدات او تلميحات رئيس الجمهورية الفرنسية وتلويحه بما هو اكبر من ويلٍ وثبور...
في هذا العام، وهو السنة الرابعة في ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ظهرت تباينات طاولت "اتفاق مار مخايل"، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بما عبّر عن مستجدٍ في هذه العلاقة، وتحدث رئيس التيار الوطني الحر عمّا يشبه اختلافاً في وجهات النظر حيال بعض القضايا الملحّة والمصيرية.
في هذا العام بالذات، وهو الذي يوازي فترة ثلثيْ عهد الرئيس عون، انكفأ فريق "الثنائي الشيعي" الى موقعه المذهبي، صار يكتفي بتمسكه بحقيبة وزارة المال مطالباً بحصته في السلطة التنفيذية مستندا" الى ما يتحدث عنه البعض وينفيه البعض الآخر عن مداولات صريحة في هذا الشأن في الطائف.
في هذا العام بالذات، كشف سفير دولة عظمى لزواره أنّ لبنان بات من حصّة دول الغرب وأنّ الاهتمام الواضح به هو الترجمة العملية لهذا التوافق الاميركي-الروسي في جغرافيا الشرق الاوسط.
في هذا العام بالذات، كاد الثنائي - الذي كان الاقوى في تشكيل الحكومات - أن ينكفىء الى حدّ حقيبة وزارية، وأن يفقد جزءاً كبيراً من تغطيته المسيحية، مترافقة مع تراجع التغطية الجزئية لبعض القوى السنية، والتمظهر الواضح للقوى الدرزية... لكأنما المطلوب والمراد أن يخرج الفريق الاقوى عسكرياً وتنظيمياً على الساحة اللبنانية، مثخنًا بجراح القوقعة المذهبية، وحيداً، بعدما كان قادراً على تجييش الاكثرية... وأن يخفّ وهجُ حلفائه ويضطرون الى الابتعاد عنه.
في هذا العام بالذات، فعلت خطوات الخزانة الاميركية مفعولها في التحالفات الداخلية، وهي ستزيد في تعميق هذه الآثار كلما زادت اللوائح وحملت اسماء واطرافاً...
في هذا العام بالذات سلكت اسرائيل براحة تامة طريقها نحو العرب وهي تستعد لتوسيع حضورها نحو افريقيا.
يبقى ان نسـأل: ماذا سيحمل ما تبقى من هذا العام من مفاجآت بعد، وهل ستكون اكبر من تلك التي عايناها حتى الآن؟