ترسيمُ الحدودِ البحريّة أم بحرِ اللغة؟.. ما يعنيني هو السيرُ حيث سار المسيح!
ترسيمُ الحدودِ البحريّة أم بحرِ اللغة؟.. ما يعنيني هو السيرُ حيث سار المسيح!

خاص - Wednesday, October 21, 2020 10:40:00 PM

الإعلامي بسّام برّاك


حين سأل محمود درويش والدَه "لماذا تركتَ الحصان وحيدًا يا أبي؟" كان الحصان خلفهما مسروجًا في بيت العائلة على مرمى قصيدة من عكّا، فيما العائلة ترتدي الارتحال القسري والصبي الصغير -الشاعر الكبير لاحقًا- يسري في العراء مع أهله صوب لبنان برفقة مَن سُمّوا عرب ٤٨.
من حينها لا يزال السؤال الأدبي عن العودة معلّقًا قبل آخر سطر من شعر درويش الحر المنثور، وصوت والده يجيب: "لكي يؤنسَ البيت يا ولدي" ...
ومن سبعة عقود والسؤالُ السياسيُّ عن مِفتاح العودة وترسيم الحدود وتطبيع العلاقات وإبرام الاتفاقات ومعاهدة السلام معلقٌ عند آخر سطر من خدعةٍ تهلّل لها الشعوب....
كلماتي هنا ليست عن الكبير درويش ولا عن أزمة ناسه حصرًا ولا عن وطنه "المشلّأ " بين أوطاننا إذا جاز وزنُ كلمة "التشلؤ" في ميزان لغتنا!
ما أكتبه ههُنا هو عن مصطلحات حول إسرائيل والعرب تراكمت في الإعلام منذ ٤٨ وبعدها ٦٧ فالهزائم المتعاقبة، وتباينت وسائلُ التعبير عنها في وسائل الإعلام حتى يتهيّأ لك أن مَن تعنيه هذه المحطة هو آخرُ في المحطة الأخرى بتوظيف حروف جيو - لغوية تنضم الى عائلة "الألف باء" وأسرة "الأبجد هوّز" لإيجاد نهاية لنفَق المفردات التوصيفية في مطلع النشرة وصلبها في خبرٍ عابر وتقريرٍ قاهر ، في موقفٍ مباشر وتعليق ملحَق.
فالتوصيفات تتقلب بتقلُّب الاتجاهات والخلفيات بين قيادة إسرائيل أو اللوبي، والجيش الغريب أو المحتل المعادي، وجمهور اليهود او الصهاينة، والطيران المهاجِم او المغتصب، وقضبان السجون أو المعتقلات المنتهِكة... هذا كله لا يزال يتردّد مع تنامي فكرة فتحِ الباب أمام احتمالات تعديلٍ أمني سياسي يستدعي انقلابَ الآيات الإعلامية لنسمع بالتمهيد للتطبيع من الباب الإعلامي العالي و بشق ثلم في تربة البحر من دون نعوت يزخر بها قاموسُ الهتك والفتك..
فكيف يحدث التحوّل؟ وهل الثابتُ متحوّل؟
ربما ما شرعت به الدول العربية أي البحرين والإمارات هو درس لصنف جديد من المقاربات الإعلامية بانتظار المعاينات البحرية في لبنان، وماذا لو انضمت الرياض الى روضة التطبيع ، وتكَوْكبتِ العرب بيضًا ام سودًا في جمهرة تطبيعيّة تغلب الطبعَ والفطرة والنشأة على انّ العدو هنا ليس الا... لا محالة.
قد يخجل لبنان بأنّ أصدقاءَه العرب يُلقون فوق العباءات مشلحَ اللغة الإعلامية الجديدة فيؤانسُهم من حيث لا يتوقع اللبنانيون المؤانسة... ولكن:
إني من اللبنانيين بل من الإعلاميين غير المهتَمين بهذا الركل الإعلامي والتقاذف بالعبارات.. ما يعنينا ان يكون لنا يومٌ نحن المسيحيين والمسلمين نحجّ فيه إلى القدس بجواز عبور رسمي ونقصد الأماكن المقدّسة... ألم يزر البابا بولس السادس كنيسة القيامة قبل ستّة عقود عابرًا ببيروت ترافقه السيّدة فيروز لتشدوَ الآلام والقيامة تحت القباب؟ فلماذا لا نذهب جوقةً فنرفعَ يدَنا ونصلّب ونمدَّ صوتَنا ونكبِّرَ؟ ولماذا لا أراني حيث وُلد المسيح وصُلب وقام كي أستحقَّ أن اقول: جئتُها هذه الحياة ومشَيت على دروب السيد المسيح بعد اصطبار مديد، فأَنساني هناك أبعدَ من فترة التأشيرة، من دون أن أعرف درب العودة فلا يبقى الحصانُ وحيدا ولا يبقى إلهُنا وحيدا...!

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني