برز خلال الايام القليلة الماضية تطور لافت للانتباه تمثل في ما كشفه مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات عن ‏تلقي النيابة العامة التمييزية كتابين من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تطلب بموجبهما إبلاغ عدد ‏من الشهود اللبنانيين للاستماع الى اقوالهم امام قاضي الاجراءات التمهيدية في جريمتي محاولة ‏اغتيال النائب المستقيل مروان حمادة في تشرين الثاني من العام 2004 واغتيال جورج حاوي ‏في 21 حزيران من العام 2005.
والمثير للاهتمام أن الكتابين لم يلحظا محاولة اغتيال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع السابق الياس المر في 12 تموز من العام 2005. وهو امر طبيعي ذلك ان الرئيس المر أسقط حقه الشخصي.
ولعلها مناسبة لاعادة التذكير بالاسباب التي حملت الرئيس المر على اتخاذ هذه الخطوة الجريئة التي عنونها بجملة شهيرة فاجأت الكثيرين :" عفا الله عمّا مضى".
فلقد اراد الرئيس المر أن ينسى تلك الجريمة التي كادت تفقده حياته، ليس من موقع الضعف، او الاستسلام امام الجناة، بل من موقع الضحيّة التي أشعرها إيمانها بالقوة لاتخاذ قرار القفز فوق الجرح، وان يمحو من ذاكرته تلك المحنة الصعبة والمعاناة الكبرى التي لازمته بأوجاع لا تُحتمل منذ ذلك اليوم المشؤوم.
قرّر أن يسامح ، لأنّ لا مكان للحقد في قاموسه، لم يتّهم ولن يتّهم، قرّر أن يطوي تلك الصفحة السوداء وعينه الى الأمام، الى مستقبل اولاده واولاد كل اللبنانيين، ادراكا منه أن ما كابده من معاناة واوجاع، يكاد لا يُقاس مع المعاناة اليومية التي يكابدها اللبنانيون، في دولة مأزومة افلستها طبقة سياسية لا ترى الّا بعين مصالحها.
قرر أن يسامح، لأنّ البلد فوق كل اعتبار، وصارت الحاجة اكثر من ملحة لاعادة بنائه ، وبالتالي لا بد من التغيير ، والشراكة الكاملة في تحمل المسؤولية، مسؤولية خوض معركة إنقاذ البلد، حتى لا يسقط في جهنّم على ايدي الشياطين التي تدفعه الى هذا الجحيم.