سعيد عقل بين اللّه والأرض... كلمة!
سعيد عقل بين اللّه والأرض... كلمة!

خاص - Sunday, November 29, 2020 8:00:00 PM

 الاعلامي بسّام برّاك

بعد سنواتٍ ستٍ من سكب سعيد عقل نهر شعره صعودًا وتَشاهُق أبيات عمارته الشعرية صوب الزرقة السماوية، تجدُه يكثّف حضورَه حوالَيك في تناسل كلمتِه واستيلاد الإبداع الأدبي من مهد الحرف إلى أبدِ أدبِه! لا يزال وجهُه الأبيضُ يَنقى بحُبّ السمراء كما يشاء الحبَّ من بعيد، وكأنّي به قرأ بشِعره زمنَنا اليوم وأدرك أنّ العشاقَ سيتناوبون على الحب خلف كِمامات الشوق، فلم يأذن للسمراء أن تدنوَ من جسده بل أن تُفلتَ جدائلها على كفِّ الورق لبستنبتَ هو قصيدةً بريئة من الدنس، غيرَ بريئةٍ من خطيئة الشاعر...

سعيد عقل مهلَك: مهلَكَ يا جبل ارتفع بين الله والأرض كلمةً فكتب ذاتَه لمئة لم يختمها وحبَّر بدَواته لبنانَ الخيالَ المخيِّلَ ليحميَه من ظلال الانكسار، من أقنعة سارقيه، ومن ممزّقي الهدايا في عُلبِ الطفولة. أيها الواقفُ في الموت على سنيم قصيدتك ما لك لا تعبث باللغة وتخرب سكونها فتفضح جنونها... أنت الملامسُ المطلقَ بحبرك والقابضُ على وجه الريح بيدِك القصيدة، والرافعُ السماءَ أكثرَ على موج قوافيك ورنين أروائك... ها هي ربطةُ عنقك الحمراء تسكب خمرةَ الشعر في عباءة القصائد.

قبل رحيلك بسنة، جانبناك على مرمى قصيدة من مكتبتك في رحاب دارك واحتفينا بميلادك المئوي قبل أن يبلغ لبنانُ الكبير مئته، وقبل أن يخسر لبنان من مئته الكثير ، فلمسنا من وقوفنا قربك كم نحن أقلُّ امتدادًا من قامتك جالسًا، وأقلُّ انسيابا من شِعرك منهمرًا بين يديْك الطاعنتيْن من عمر الحبر!

ها نحن نلقاك واقفًا بين وطن يسترجع تاريخ حرفه الأول ووطن يفتقد الكلمة البطولة، الكلمة الصخرة وقد طارت بها الكتب حيث تتربع فوقُ، فالشعراء عقبانُ وأنت في طليعة رفّ نسور الشعر، وجانحُ قصيدتِك يلف مطالعَ القصائد الاتية غدًا... أنت تاريخ من شعر بل تاريخٌ من شاعر جعل الماضي في الآتي ، وقد قلتَها يوما وغنّتك فيروز "أجملُ التاريخ كان غدًا."

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني