ذاكرةُ حلقات الإملاء في بال الحِبر
ذاكرةُ حلقات الإملاء في بال الحِبر

خاص - Wednesday, December 16, 2020 9:27:00 AM

الاعلامي بسّام برّاك

"نتَمَوْعد" لفظة نالت وقعَها في ختام كل حلقة إملائيّة من الحلقات الستّ منذ العام ألفين وثلاثةَ عشر لمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، جمعت ما يقارب الألفي متبارٍ وضيف وإعلاميّ وثقافيّ، ونقلت شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال وجوههم وأيديهم وأوراقهم المحبّرة بكلمات الصرف والنحو مثلما نقلت مباشرة أسماءَ الأوائل في الإعلام والتعليم وبين الضباط والسياسيين والمحامين والطلاب والأساتذة .
حلقاتٌ ستّ كادتِ السابعة أن تتوّجَها لكنّ حطبَ الثورة حال دون الوصول قبل عام الى دير الآباء اليسوعيين في بيروت، واليوم جائحة كورونا مثلما جرفت تيارات الثقافة لتُظهّر الجهل وألغت لقاءاتِ الإملاء بل أجّلت تَمَوْعدَها.
الأهمُّ، أنني بحلقات "إملاؤنا لغتنا" الست وما تلاها من تحيّة خاصة بدعوة من الأسكوا تحت عنوان "أتركوا شعبي يعيش" من وحي نصّ الأستاذ غسان تويني حيث تبارى الديبلوماسيون ، ونص "جبل بلادي" في مكتبة بعقلين بدعوة من أبناء الجبل وبرعاية الأستاذ وليد جنبلاط، بهذه كلّها أحييت مع الأوفياء للّغة وللزمالة الإعلاميّة حلقاتٍ تميّزت باللحظاتُ المتوهّجة في مبارياتٍ حجّت إليها الأقلامُ الطليعةُ عاما بعد عام، وسكبت من الحبرِ شفّافه، ومن الفكرِ ارتقاءه، ومن الصرفِ جذرَه، ومن النحوِ فتحتَه وضمّتَه وكسرتَه...
هذه الإملاءاتُ كتبتُها، لا بل نزفتُها مِن يراعي كلّما نادى كانون الأوّل يومَ عيد اللغة العربيّة المُعلَن من منظمّة اليونيسكو، وسنةً بعد سنة صار "الإملاء" تقليدًا حديثًا للحفاظ على لغتِنا كما لو أننا نحفظ كنزًا عتيقًا معتّقًا في خوابي مكتبتِنا الأم، نهلتُه جُمانا وزمرّدًا من بحار القواميس ولِحاظِ المفردات وتسريحةِ الغروبِ شَعرَها شِعرًا وتناثرِها لؤلؤًا في صفحة التباري، فصرتُ أجدُني أُُسقِطُ على الصفحة الفكرة وأنجبُها تِباعًا في نصوصٍ عناوينُها "لبناننا لغتنا - سنديانة اللغة- إعلام وطني - رئيس بلادي- جيش بلادي- محامو بلادي"، ورُحنا بورقنا وأقلامنا من مسرح الجامعة الأنطونية الى مقارّ ساحة النجمة، الكليّة الحربية، بيت المحامي، وواكَبتنا طرابلس عبر الشاشة بالتباري بإشراف جمعية السوشيل واي في قاعات خاصة، والجبل من مدارسه، حتى إن خرّيجي عرب هارفرد في آذار الماضي قطعوا لي تذكرة العبور الى منصتهم في بوسطن لإلقاء إملاء عن هجرة العرب إلا أن ضائقة كورونا مزقتِ اللحظة على أمل تجديدِها... ذات لحظة.
هي نصوص لا... إنها ولاداتٌ طبيعيّة من رحم القلم، عانقتُها لساعاتٍ تلو الساعات، ووسّعتُ لها المكانَ في زماني وتحدّثتُ معها باعتبارِها شخوصًا تتحرّك وتتوثّب وتتمنّى لو يكتبها المتبارون صحيحة خالية من العِلل والشوائب، ومن أخطاء أدمَتها وتدميها كلّما اعتدى الجاهلون على لغتنا الامّ.
إطمئنّي لغتنا العربيّة... إطمئني لغتي العربيّة وافرحي واجزلي واطرَبي واطرِبي... ، بأصواتك الطويلة وتلك القصيرة، واعشقي ما ترينه بين أهداب حروفك وتسمعينه، وما يخطّه عن جمالاتك أدباءُ مثقفون، صحافيّون مِلَمّون، طلاب متميّزون، وسياسيّون شذّوا عن درب السياسة حين فتحوا عيون صباحاتِهم على جمالِك!
إطمئنّي ، ففي جَعبتي من سلالك الكثير، وللسائلين من المتابعين سنويًا النصوص: متى حلقة "إملاؤنا لغتنا" مجددا عبر ال أل بي سي؟ أجيب ستكون قريبة منكم، وسيكون كتابٌ يحوي اثنًي عشرَ نصًّا من هذه المناسبات لتبقى لغتنا العربية متوّجة المليكةَ الدائمة على سنيمِ اللغات.
وقد كتب بمحبة وصدق زميلي "صبحي ياغي" عبر صفحته: " أيها البرّاك، هل نتَموعد من جديد للقاء مع إملائك وننتشي بخمر المعاني؟ فها نحن عشاقَ اللغة والقرطاس والقلم ننتظر أن نعود وما زلنا معك". وبدوري أقول: سأَحبِك نصًّا إملائيًّا ذاتَ موعد ضبابي، ربما لن نعود لنفيء تحت خيمة سطورنا ومفرداتنا، أو قد لن تظللَنا شمس "إملاؤنا لغتنا" لكن العتمَ لن يكسرَ ضوءَ لقاء في البال وشعاع حِبر في الفكر ، وبإذن الله واللغة، سننمَوعد... فهيّئوا الاقلام والاوراق وارسموا اليدَ مفتوحة لتستقبل الضمة وتعانقَ الكسرة وتسكنَ الورق الى أبد اللغة، فنتاولَ قربانة الاملاء في شفاه الورق.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني