علت الضحكات وكثرت الطرفات والتحليلات والمحاولات لايجاد الحلول... لكن الموت واحد، وعنوانه العريض: كورونا!
اعتاد اللبناني، بطبعه وبسبب يأسه من وضعه، أن يواجه المصائب بضحكة، هذه الضحكة التي تحمل في طياتها وابلاً من اليأس والقرف من الوضع وخوفا من مصير مجهول في مستقبل غير مضمون.
الا أن هذه الأشهر الأخيرة لم تكن بطبيعية، بدءا من الحرائق ومروراً بالفياضانات والثورة والاجراءات المصرفية والبطالة وغلاء الأسعار الهستيري واستقالة الحكومة وتشكيل غيرها... وصولاً الى الطائرة القادمة من ايران التي حطت أجنحتها في مطار رفيق الحريري الدولي، حاملة بين مقاعدها وباء كنا نعتقد أنه سيبقى في الطرف الآخر من الكرة الأرضية، الا أنه حط رحاله على أراضينا، وباذن منا!
استقبلنا الوباء، ثم دعينا الشعب ألا يهلع، وبعد أن بدأت اعادة مسلسل "10 عبيد صغار" في المستشفيات وبدأ الموت يخطف الأرواح، قلنا لهم "اهلعوا"!
حضر كورونا وحمل معه المرض الأكبر "الخوف والهلع"... وما نفع الهلع الآن، وما فائدة الصراخ والنحيب؟... وماذا لو هلعت أنا وكان جاري مرتاحا ولا خوف لديه؟ هل أعيش أنا ويموت هو؟ لا ثم لا!
وفجأة، بدأت تتبدد الضحكات وتتلاشى النكات، وحل مكانها الخوف والهلع الحقيقي من هذا المارد الذي لم يترك بلداً الا وخطف منه الأرواح!
الشعب اللبناني الذي ضحك على كورونا منذ أشهر، أصبح يوحد صورة "واتساب" على هاتفه، ويكرسها للقديس شربل، عليه السلام، آملاً أن يتشفع به!
هو الشعب نفسه الذي أصبح على يقين أن العناية الالهية هي الوحيدة التي حمته على مر السنين.
انتشرت في الأيام الأخيرة مجموعة هاشتاغات على تويتر، مثل "#خليكبالبيت" و "#كورونالبنان" وغيرها، دعا من خلالها اللبنانيون بعضهم لالتزام منازلهم وعدم التجول.
الا أن هذه الهاشتاغات أرفقت بجمل ملأها اليأس والخوف: "إذا أنت كتير قوي وأبو حديد.. بدك تروق عوضعك شوي.. وتفكر ببيك وأمك اللي عمرهن فوق الستين ومناعتهم مش حديد!!! بدك تفكر بمرتك.. بأخواتك.. بإبنك وبنتك.. بجارك اللي ما خصو بهبلك واستهتارك.. بكل حدا ممكن تأذيه وتحمّل ضميرك ذنب يمكن يوصل لموتو..".
وتعليقاً على وفاة الياس البرجي اليوم في مستشفى المعونات في جبيل، كتبت احدى رواد تويتر: "الله يرحموا ارتاح...مش احسن ما يعيش القهر يللي عم نعيشوا...عا كل حال مش مطولين...لاحقينون".
هذا ووصل اليأس باللبناني حد القول: "طيب مندفع 6$ واتساب بس خلص".
أحد الأشخاص كتب تأملاً مؤثراً جداً: "فيروس كورونا ذكرنا كم أن الحياة قصيرة ودقيقة!".
و"الهلع" وصل بالبعض حدّ الهوس، فقد كتب أحدهم: "أعاني من وسواس كورونا القهري، انني أقيس حرارتي بشكل مستمر"، وغيره كتب: "شدوا الأحزمة، سنطير بعد قليل".
وفي لفتة المؤمن، كتب أحدهم: "أمي كل يوم عم بتبخر البيت، كورونا خليك بعيد نحنا بأمان!"، وغيره قال: "وصلت الى مرحلة لست خائفاً فيها على نفسي بل على أهلي".
أما الجملة الأكثر تداولاً فكانت: "الأمر لم يعد مزحة!".
نعم أعزائي، هو بالفعل لم يعد مزحة، هو حتى لم يكن مزحة منذ البداية، فهل نحن شعب حكم عليه بالدمار الشامل والموت المتنوع حتى من قبل أن يولد؟
هل رأيتم تدابير باقي الدول؟ هل اطلعتم على المبالغ الهائلة التي خصصتها الدول لمكافحة هذا الوباء؟ أما نحن، فحتى نتمكن من الخضوع للفحص علينا أن ندفع المال، والمشكلة الأكبر أنه يمكن أن تصل الى المشفى معافى وتخرج منه بوباء!
هل هذا هو المصير الذي نريده؟ وهل سنفهم كشعب أن من واجبنا الانتباه والوقاية؟ اذا لم تكن مهتما بحياتك فغيرك ربما يكون معيل عائلته الوحيد أو الابن الوحيد لعائلة انتظرت قدومه بفارغ الصبر... ربما يكون انساناً كباقي البشر لكن حياته من حقه! لذلك عليك بالفعل التزام منزلك واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، سلم أمرك لربك واترك ايمانك قوياُ لكن شغل حكمتك التي منحك اياها هو!
الحياة من حقي وحقك، فحافظ على حقك ولا تسلبني حقي وابقي تفاؤلك حاضراً لعل الفيروس "يهلع" من تمسكك بالحياة ويهرب!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا