"كورونا" ونوبات الهلع
"كورونا" ونوبات الهلع

لايف ستايل - Friday, March 13, 2020 7:36:00 AM

ساسيليا دومط - الجمهورية 

ما هي نوبات الهلع؟ متى ولِمَ نُصاب بها؟ هل هي مفيدة أو مضرّة؟ كيف نسيطر عليها؟ وما علاقتها بالواقع المعاش؟

 
«كان بعد ناقصنا الكورونا، ما بيكفينا حجز أموالنا بالبنوك، والغلا الفاحش بالأسعار، بدن كمان يموتونا بهالفيروس»، قالت ربى مهمومة، قلقة؛ وإذا بجارتها تردّ عليها بثقة واطمئنان: «لا تخافي، كل عمرو لبنان هيك، ما عنا لا كورونا ولا شي، عم يكذبوا عالمعترين اللي متلك تا يلهوكي عن الواقع السياسي، تا ما نركّز عالزعما ونحاسبن...».

 

تحوّل الأحداث الطارئة على حياتنا اهتمامنا من ناحية إلى أخرى، وللأسف الشديد، نجد أنفسنا متنقلين من قلق إلى آخر، باحثين عن بصيص أمل ولو بعيد. وما من أمر أسوأ من الخوف من الجوع والبؤس والعوز إلّا الخطر على حياتنا وعلى حياة من نحب، وفقدان القدرة على اتخاذ القرار بالقيام بإجراءات تضمن صحتنا وسلامتنا. فمنذ اليوم الأول لاكتشاف أول حالة مصابة بالكورونا في لبنان، هلع الجميع، وتوجّهوا إلى الصيدليات علّهم يجدون وسائل الحماية المتوفرة، وإذ بهم يفاجأون بفقدان الأقنعة الواقية، وارتفاع أسعار ما تبقّى منها بشكل جنوني، كما جنون أسعار وسائل التعقيم والحماية الشخصية.


 

في ظل الظروف الراهنة، نحن اليوم أمام حالات قد تكون مصابة بالفيروس، دون علم منها، كما يحدث في العالم أجمع، وقد تنقله لنا بشكل مباشر أو غير مباشر، فما العمل؟ كيف نسيطر على خوفنا؟

 

لن نتطرق هنا الى سبل الوقاية والحماية التي يقوم بها المختصون بهذا الموضوع، بل سننتقل إلى الوقاية النفسية، أي القلق والخوف والهلع. الخطوة الأولى هي استيعاب الوضع العام والإعتراف بوجود فيروس تحول إلى وباء عالمي، وهذا ما نشاهده في الأخبار عن تزايد الحالات المصابة، وارتفاع نسبة الوفيات.


 

وصل كورونا إلى لبنان، وهناك شبه إجماع على نوبات الهلع والقلق، المسيطرة على حديثنا مع الجميع، متابعة الأخبار والمستجدات عبر الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي. وكلما زاد القلق لدينا، عانينا من ارتفاع في ضربات القلب، ارتجاف في القدمين واليدين، شرود، غثيان، إضطرابات في النوم والشهية، تجنّب الآخر الذي قد يكون حاملاً للفيروس، مشاكل وتصادم مع القريب من زوج وأبناء وأصدقاء، بالإضافة إلى الشعور بالتردّد الدائم من الذهاب إلى العمل أو الجامعة، وكذلك إرسال الأولاد إلى المدارس، الذهاب إلى السوبرماركت و... و.... هواجس وأفكار وصور لا تنتهي.

 

عندما نُصاب بنوبات الهلع، تسيطر علينا الإنفعالات بشكل كبير، فتتحكّم بنا وبقراراتنا، وتُبعدنا عن التفكير بشكل منطقي، ونخسر بذلك قدرتنا على التحليل الموضوعي، وقدرتنا على إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات والصعوبات التي نواجهها. ومن الضروري بمكان، أن نذكر العلاقة الوطيدة بين نوبات الهلع والخوف من الموت، حيث تظهر أعراضها عندما نعاني من الشعور بالخطر وفقدان السيطرة. والملفت، أننا نتكلم عن نوبات الهلع عندما يكون الخوف الشديد غير منطقي، أي أنّ الشخص يعاني من ذلك دون أسباب واضحة، ونحن اليوم نهلع لأسباب منطقية وحقيقية.

 

أما وسائل السيطرة على نوبات الهلع والرعب، فهي تمكين أنفسنا من استعمال قدراتنا الفكرية، وذلك من خلال الإسترخاء والتنفس العميق، عبر إدراكنا بأنّ التوتر والخوف لن يساعدانا في تخطّي ما يشكّل خطراً داهماً على حياتنا، الهدوء واستيعاب المرحلة ومعطياتها، التخفيف من نقل مشاعر القلق والتوتر والرعب إلى الآخرين، وصولاً إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، كالتعقيم وتجنّب القبل والملامسة، واستعمال الأقنعة عند الحاجة، والتمّسك الدائم بالتوقعات الإيجابية، مع الحذر.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني