إحتواء الصين... لهيب التنين الصينيّ أسعَرَ سباق الصدارة
إحتواء الصين... لهيب التنين الصينيّ أسعَرَ سباق الصدارة

خاص - Wednesday, December 1, 2021 7:00:00 PM

باتريك إيليّا أبي خليل

في عقوده الأربعة الأخيرة، يشهد بلد المليار ونصف المليار مواطن نهضة إقتصاديّة متنامية حقّق من خلالها تصاعداً ملفتاُ في نفوذه الديبلوماسيّ والعسكريّ والتكنولوجيّ، ما حذا بالدولة الأقوى في العالم، الولايات المتّحدة، إلى دقّ ناقوس الخطر والتوجّه شرقاً أقصى للتفضّي للخطر الأكبر التي يتهدّدها على حساب القضايا الأخرى التي انغمست في مستنقعاتها طيلة المرحلة السابقة، خاصّة في الشرق الأوسط.


على الرغم من العداء السياسيّ التاريخيّ مع روسيا، إلّا أنّ الصين اليوم تجسّد الخطر الأعظم أمام الأحاديّة الأميركيّة بعد انهيار الإتّحاد السوفياتيّ، ما يُنذر بخسارة النسر الغربيّ لعرش الهيمنة واحتمال سقوطه في المرتبة الثانية، لاسيّما وأنّ الصين أضحت تمثّل خمس سكان الكوكب وثاني أكبر اقتصاد وأقوى جيش في العالم، والأكثر تأثيراً ونفوذاً في جنوب محيط الهادئ.

والأهمّ من هذا أنّها ركبت قطار النموّ التكنولوجيّ والإقتصاديّ والعسكريّ السريع وغير المفرمَل على سكّة حاضر يرزح فيه العالم في آتون الجمود والكساد. في حين أنّ مستوى القدرات الفعليّة لمخالب الدبّ الروسيّ لا تماثل تلك الكامنة في لهيب التنين الصينيّ، إلّا من حيث التفوّق في الترسانة النوويّة والأمن السيبرانيّ والصواريخ العابرة للقارات.


صعود قوّة النظام الصينيّ الشيوعيّ المستمرّ منذ الإصلاحات اللّيبراليّة المهندَسة بحِذق وإتقان في أواخر سبعينات القرن الماضي، شكّل معجزة له وصدمة للغرب الذي استيقظ متأخّراً محاولاً إنقاذ نفوذه الجيوستراتيجيّ المفتّت والمنقسم بين دوله، لاسيّما وأنّ التباين الحاد بين المصالح الأوروبيّة والأميركيّة يشكّل عقبة أمام المواجهة الموحّدة والفعّالة بوجه الشرق الصاعد. فلروسيا المعادية والمحاذية صلات إقتصاديّة متنامية مع دول أوروبا في المجال الإقتصاديّ، خاصّة في مشاريع إمدادات وتصدير الغاز عبر تركيا وألمانيا. أمّا الصين، البعيدة والفريدة بضخامة وحيويّة سوقها، فباتت الموقع  الأبرز لاستثمارات الشركات الأوروبيّة، سيّما الفرنسيّة والإيطاليّة والألمانيّة منها.


من هذا المنطلق، قامت الولايات المتّحدة باستحداث تحالف رباعيّ أمنيّ "كواد" مع اليابان وأستراليا والهند، وآخر ثلاثيّ بنكهة شراكة استراتيجيّة "أوكس" يضمّ إلى جانبها كلّ من أستراليا وبريطانيا في واحدة من أكبر صفقات الغواصات النوويّة التي أجّجت الخلاف مع فرنسا بعدما فسخت أستراليا مؤخّراً العقد الذي أبرمته مع مجموعة نافال غروب المملوكة للدولة الفرنسيّة عام 2016 لشراء 12 غوّاصة تقليديّة تعمل بالديزل والكهرباء.

وتأتي هذه التحالفات في سياق محاولات أميركيّة للحفاظ على تفوّقها عبر محاصرة الصين أمنيّاً والتضييق على اقتصادها المتمدّد والمنفلش على مساحة بساط الكرة الأرضيّة، بهدف الحدّ من نموّها الإقتصاديّ ومن قدرتها على تطوير الصناعات التكنولوجيّة والعسكريّة وتوسيع نفوذها السياسيّ، وطبعاً من دون إدارة ظهرها لطعنات الخصم التقليديّ الروسيّ، حليف الصين.


فهل تنجح الأساليب التي تعتمدها القوّة الأولى المهيمنة في العالم لاحتواء الصين ولجم تسلّقها الرشيق والوشيك في سباق المركز الأوّل ؟

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني