تذكرة سفر الى 8 بلدان... و"الرسالة إنسانية بامتياز"
تذكرة سفر الى 8 بلدان... و"الرسالة إنسانية بامتياز"

خاص - Wednesday, May 27, 2020 4:59:00 PM

فرغت الشوارع، خفتت الاصوات، ولزم الناس بيوتهم... فالتصق البعض بهاتفه والبعض الاخر انتقل الى عالم المطالعة وراح يتنقل بين الكتب والروايات على أنواعها.

وبالرغم من التباعد المطلوب في هذه الفترة، توطدت علاقات كثيرة بين القرّاء والكتّاب، خصوصاً مع شعور الناس، في هذا الوقت تحديداً، برغبة كبيرة في السفر ولو "الفكريّ" ومعرفة ما يدور في العالم.

انطلاقاً من هذه الفكرة، كتب المحامي والرائد في الأدب اللبناني والفرنسي ألكسندر نجّار روايته حول وباء كورونا، الذي اجتاح العالم، ليقدّم بذلك، لكل راغب في السفر، تذكرة لا تتعدى كلفتها بضعة دولارات، يجول من خلالها ثمانية بلدان ويرى مشاهد من المأساة التي شهدتها هذه البلدان.

لهذه الغاية، أطلق نجّار روايته "La Couronne du diable" على روابط إلكترونية.

"لا يجوز للكاتب أن يبقى مكتوف اليدين أمام هذه الكارثة فثمّة "مسؤولية " تترتّب على المؤلّف، حسب قول جان بول سارتر"، هذا ما أكده نجّار، في حديث خاص معه، ليشرح كيف انطلق بفكرة الكتاب، مشيرًا الى أنه يفترض بالمؤلف أن يواكب عصره ويتناول الأحداث التي تؤثّر على مجتمعه أو على الإنسانية بشكلٍ عام.

وأوضح أنه "أمام إجتياح فيروس الكورونا وجدتُ نفسي مضطرّاً إلى الكتابة عن هذا الوباء وعن كيفية مواجهة الناس له، فإبتكرتُ رواية ينتقل فيها الراوي إلى ثمانية بلدان مختلفة، فيسرد فيها ما يشاهده من منظار ثمانية أشخاص يواجهون هذه الكارثة، انما كل على طريقته."

وردًا على سؤال حول سبب اختيار هذه الفكرة تحديدًا للكتابة عنها، أشار نجّار الى أنه يتوقّع أن تصدر كتب عدّة علمية أو حتى سياسية حول وباء الكورونا، شارحاً:"إرتأيت أن يكون كتابي رواية تسمح لي بأن أدخل إلى خصوصية أشخاص عايشوا هـذه التجربـة المريـرة، فيتمكّن القارئ من التخيّل والتعاطف مع هذه الشخصيات، باعتبارها موجودة في محيطه."

وعن نظرته الى الوباء، لفت نجّار الى العنوان "La couronne du diable"، ليؤكد أنه يرى "الوباء كالشيطان، اذ اننا نشعر بأنه موجود، ينشُر الشرَّ، ولكننا لا نراه".

وكشف أن الكتاب صدر عن دار Plon في باريس، إلاّ أنه سيصدر ورقياً في الأيام القليلة المقبلة كما ستصدر ترجمته إلى اللغة العربية لدى دار "سائر المشرق" تحت عنوان "التاج اللّعين"، بالإضافة إلى ترجمة إلى اللغة الإسبانية ستصدر في مدريد، وبإنتظار ترجمات أخرى...

واذ أعلن نجّار الذي اعتاد محبّو أسلوبه على قراءة كتبه التي تصدر ورقياً، "أنها المرّة الأولى التي يصدر فيها كتاب له بنسخة إلكترونية"، لفت الى أن الناشر ارتأى اللجوء إلى هذه الوسيلة ليتمكّن القرّاء مـن مطالعة الكتـاب مـن دون الخروج مـن منازلهـم، لا سـيما وأن غالبيـة المكتبـات مقفلة، معتبرًا أن هذه الأزمة أظهرت أهمية التواصل بالطرق الإلكترونية، إن لجهة التعلّم عن بعد (e-learning) أو لجهة الإستحصال على الكتب وقراءتها.

يتساءل البعض كيف يمضي الكتّاب الحجر الصحي، فيوضح نجّار أنه شخصياً أمضى وقته خلال الحجر وهو يكتب، كاشفاً:"ألّفت هذا الكتاب بالإضافة إلى سيناريو فيلم قصير عنوانه "أيام كورونا" يتمّ تصويره حالياً وهو من إخراج فرح شيّا، وهي سينمائية موهوبة، وسيشارك في العمل نخبة من الممثّلين، أذكر منهم بديع أبو شقرا وندى أبو فرحات وبطرس روحانا ووسام كمال وجوزيان بولس ويارا زخور ونيقولا طوبيا ونديم شماس وسيريل جبر، بالإضافة إلى ممثّلة "سريّة" ستلعب دوراً فكاهياً."

 وفي سياق حديثه، اعترف بأن "هذه "الزربة" كانت "متعبة" أيضاً، إذ حرمَتني من ممارسة عملي كمحامٍ بصورة طبيعية نظراً لإقفال المحاكم والدوائر الرسمية، كما حرمتني من حريّة التحرّك والتواصل مع الأصدقاء"، مضيفاً:"لقد إكتشفت أنني لا أحب الوحدة على خلاف ما كنت أعتقد في السابق!"

وعن أهمية المطالعة في هذه المرحلة الصعبة، اعتبر نجّار أن "القراءة تساعد على تخطّي المحنة لأنها تمكّن الناس من ملء أوقاتهم بشكلٍ مفيد بحيث يغزّون أفكارهم ويوسّعون ثقافتهم بدل إضاعة الوقت ومتابعة تطوّر أرقام الضحايا على المحطّات التلفزيونية"، مشددًا على عدم وجود إيجابيات للوباء الذي أودى بحياة هذا العدد الهائل من الضحايا، واصفاً إيّاه بـ"كارثة" حقيقية لم يتوقّعها أحد، شلّت العالم بأسره.

 وأردف:"صحيح أن الوباء أجبر الناس على إعادة النظر في أولوياتهم، لكنه في المقابل، سيخلق أزمة إقتصادية خانقة سندفع ثمنها جميعاً خلال السنوات المقبلة، خصوصاً في لبنان حيث الوضع الإقتصادي كان متردّياً حتى قبل الكورونا، بسبب الطبقة السياسية الفاسدة التي أوصلتنا إلى قعر البئر."

وعن الاعمال اللاحقة التي يتم إنجازها، كشف نجّار أنه أنهى الطبعة الجديدة من كتابه حول إدارة الشركات المساهمة في لبنان بعدما أدخل إليه التعديلات المناسبة تبعاً للقانون الجديد الصادر عام 2019 في مجال الشركات التجارية، معلناً أنه "ستصدر ترجمات إلى العربية لـ3 كتب من كتبي، هي: "Le natif et le migrant" و"إعترافات بيتهوفن" و"أمير البحار" (Le silence du tenor)، كما سأكمل كتابة رواية حول تَجربتي كطالب في باريس."

سبق لنجّار ان كتب مسرحيات لاقت إعجاباً كبيراً، لذا، ردًا على سؤال حول احتمال تجسيد هذه الرواية حول كورونا من خلال مسرحية، أجاب:"لا شك في أن هذه التجربة هي مادة "دسمة" بالنسبة للمسرحيّين ومن الممكن أن أتناولها لاحقاً في عملٍ جديد"، آملًا "عودة المسرح بأسرع وقت ممكن لأنه يحتضر ولا يمكن للمسارح والممثّلين الإستمرار من دون دعم من الدولة على غرار ما حصل في ألمانيا حيث خصّصت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل 50 مليار يورو لدعم القطاع الثقافي في بلدها."

أما عن الرسالة التي أراد توجيهها من خلال هذا الكتاب، فشدد نجّار على أنها رسالة إنسانية بإمتياز، اذ "أنني حاولتُ إظهار كيفية تفاعل أشخاص مختلفين تماماً، موجودين في مدن متفرّقة، مع الوباء نفسه وكيف أن الإنسان، أينما وُجد، يُشبه أخاه الإنسان في مخاوفه وشكوكه وإحباطه وآماله"، طارحاً، في ختام حديثه، علامة استفهام:"هل سنشهد ولادة عالم جديد بعد هذه الكارثة؟".

 

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

من نحن

تواصل معنا

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني