حالة سياسية لا تعيش إلا على النعرات الطائفية
حالة سياسية لا تعيش إلا على النعرات الطائفية

خاص - Wednesday, April 26, 2023 3:46:00 PM

 النقيب السابق للمحامين في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس

 في مثل هذه الأوقات، كنت أنطلق مع أخي خالد، وقد لبس كل منا جديده، إلى الشوارع التي توجد فيها دور السينما، مع مجموعة من أترابنا، ننتظر بفارغ صبر أن يبدأ عرض الثامنة صباحاً، كي لا يفوتنا أي فيلم من أفلام العيد، لأننا كنا نستهلك النهارات الثلاث منتقلين من شاشة إلى شاشة، حيث كنا نشق طرقنا وسط زحام المشاهدين، وقد تزوّد كلّ منّا بلفافة الفلافل المغذّاة بالمخللات والكبيس، وبعد تناول ما تيسّر من شراب الخرنوب.

ألا ليت الطفولة تعود يوماً، فلقد نعم جيلنا بها، وحرمت على الأبناء والحفدة، لأن لبنان الذي كان وديعاً، احتله الشرسون، فانطفأت البهجة وحل الخوف والقلق، ولو أنه قيّض لي أن أسترجع تلك الأيام ولو بالخيال، لتعذّر الأمر علي، لأن الدخول إلى قاعات العرض، يتطلب حمل حقيبة من ملايين الليرات، فيما كان الأمر مقتصراً في السابق على فرنكات أو ليرات، كنا نشعر بوجودها في جيوبنا، أننا من أثرياء العالم..

فطر مبارك بعد شهر صوم سنّه الله لمجاهدة النفس، وفي عصر طالت فيه مجاهدة اللبنانيين في مراحل كرب متوالدة، وفي ظل زمر سياسية متناسلة من السيء إلى الأسواء، ومن عيد كافور إلى أعياد من هم أكفر، فبأية حال عدت، ولأية حال نسير؟

كان أجمل ما يجذبنا من أفلام، تلك التي كان يمثلها اسماعيل ياسين وينتزع القهقهات من الجمهور، وقبل هذا كان يستهوينا صندوق الفرجة، الذي استعاد زمانه واحتل مكانه في مجلس النواب، حيث جرى في العلن ضبط النواب المتسللين من وراء متراس المبدئية، إلى صفقة تعطيل الانتخابات البلدية، فالتقى ضدان على الهوى، وأحرز كل ما يريد بعد أن مسح الفاعلون أيديهم من تلك الفضيحة ورموها بروائحها ووساختها على الحكومة ورئيسها على وجه التحديد، في مشهد يأنفه صندوق الفرجة حيث اندلع التشاتم، فغضب السني من قلة أدب البعض تجاه رئيس الحكومة وما نعت به، فتملكني الأسى من حالة سياسية لا تعيش إلا على النعرات الطائفية، ولأن الذي جرى تحوّل فضيحة من جهة إلى أخرى بصورة ظالمة ، فوزير الداخلية أعد للأمر عدته، فسد الذريعة مسبقاً، ودعى الهيئات الناخبة، وقد كان الأولى بالحكومة أن تؤمن مصاريف الانتخابات قبل الذهاب إلى المجلس، مسلحة بموقف يحترم الاستحقاقات ولو بالشكل، لكن العكس حصل، فخاب خطاب الرئيس ميقاتي التوفيق، ويا ليت من أعدوه اكتفوا بالتساؤل:

- هل لهذه الجلسة صفة تشريعية أم يمتنع على المجلس ذلك لأنه هيئة ناخبة؟

- هل للحكومة أن تجتمع أو أن ما يحق للمجلس لا يحق للحكومة؟

- هل هناك اسباب قاهرة تمنع اجراء الانتخابات؟

- هل هناك معايير محددة تعتمدها بعض الكتل، أو إحدى الكتل لنقوم بمراعاتها أم أن معيارها مصنوع من الزئبق الخالص الذي تستحيل معه أية مواكبة؟

- هل غسلتم أيديكم فعطلتم الانتخابات لتحمل الحكومة منفردة وزر ما فعلتكم، ولماذا لم تحددوا مدة التأجيل، أم أنكم تريدونها مساحة مفتوحة إلى أن تستعيدوا ما ضاع من شعبيتكم؟

هذا ما كنت أتمنى أن يقوله الرئيس ميقاتي، الذي لم يزل يحمل الجمرة بيد والجرة على كتف، من غير أن يهدد مرة واحدة بالتخلي عنها، فحوّل بذلك نفسه والحكومة مرمى مشرعاً للسويطة وطول اللسان.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني