ضغط اسرائيلي بقناع دولي: توسيع مهمة " اليونيفيل" حل أو صاعق تفجير؟
ضغط اسرائيلي بقناع دولي: توسيع مهمة " اليونيفيل" حل أو صاعق تفجير؟

خاص - Friday, December 8, 2023 10:12:00 AM

جوزف القصيفي


" اليونيفيل" في جنوب لبنان كلفت الامم المتحدة على مدى سبعة عشرة عاما، خصوصا الدول المانحة ما يزيد على الثمان مليارات دولار ،اي بمعدل خمسمائة مليون دولار كل عام. وأن الولايات المتحدة هي المساهم الأكبر في تمويل هذه القوة الدولية إذ بلغت نسبة مساهمتها 28 في المائة. عدا المبالغ الكبيرة التي تدفعها الدولة اللبنانية كبدل إيجار جراء إشغال اراض شاسعة في منطقة انتشارها.

ثمة من يقول ان القوة الدولية لم تفعل سوى تسجيل الخروقات الإسرائيلية برا وبحرا وجوا،وتعداد الانتهاكات من دون أن تكون قادرة على ردعها.

ولكن، وعلى الرغم من أن البعض يسجل عليها القيام بدور الشاهد العاجز، فإن وجودها يدل إلى حرص دولي على الاستقرار في المنطقة الحدودية مع فلسطين المحتلة. وفي قراءة واقعية للوضع الميداني في الجنوب يؤكد المراقبون أن الاعتداءات على سيادة لبنان لا تتوقف يوميا .فالطيران الاسرائيلي ينفذ طلعات استطلاعية في سماء البلاد، ويستخدم أجواءها للاغارة على سوريا وقصف مواقع فيها.


كما تقوم سفن العدو باختراق المياه اللبنانية في دوريات متتالية على مدار الساعة، عدا الاستفزازات على طول الخط الأزرق. وإن سجلات قيادة " اليونيفيل" تدون انتهاكات إسرائيل وترسلها إلى نيويورك اولا باول،وذلك على سبيل العلم والخبر فقط، من دون أن تلجأ الامم المتحدة إلى اي خطوة جادة لوقف هذه الخروقات . وتقول مصادر عسكرية لبنانية أن المطالبة بتوسيع مهمات " اليونيفيل" من خلال إجراء يرمي إلى توسيعها باللجوء إلى تعديل القرار 1701 ، يمثل انحيازا واضحا للدولة العبرية بغرض توفير الحماية لها من خطر مفترض مصدره الحدود اللبنانية، فيما أظهرت الوقائع أن 98 في المائة من الاعتداءات تنطلق من الجانب الاسرائيلي. ويرى وزير خارجية سابق أن لبنان هو ضحية دائمة لاسرائيل، فهي التي هجرت اعدادا من الفلسطينيين عندما اغتصبت ارضهم في العام 1948،وقد أصبح عدد اللاجئين منهم المسجلين لدى " الاونرا" ومديرية اللاجئين في وزارة الداخلية اللبنانية، والامن العام اللبناني 425 ألفا، مما يعني أن خطر توطينهم لا يزال ماثلا وقائما في اي وقت مع مرور الزمن، في ظل انتفاء وجود اي ذكر لمأساتهم في اي من مشروعات او إقتراحات الحلول المطروحة للقضية الفلسطينية بإستثناء المبادرة التي اطلقتها قمة بيروت العربية في آذار 2002 والتي تضمنت بندا عن حق العودة استطاع أن يشق طريقه إلى بنود هذه القمة بعد ولادة عسيرة . كما أن إسرائيل هي التي كانت تعتدي على لبنان باستمرار بمنعه من ممارسة حقه في الوزاني والليطاني منتصف ستينيات القرن المنصرم ، وقصفها المنشآت الخاصة باستخراج المياه منهما، وهي التي قصفت الأسطول الجوي التابع ل" طيران الشرق الاوسط"في العام 1968، وقصفت أيضا محطة الرادار الفرنسية في الباروك في النصف الأول من السبعينيات، واجتاحت لبنان في العام 1978 ورفضت تنفيذ القرار الرقم 425 الصادر عن الامم المتحدة على اثر هذا الاجتياح، الذي اتبعته باجتياح آخر العام 1982 ودخل جيشها إلى العاصمة بيروت ،وهي أول عاصمة عربية تحتل من قبل دولة معادية. وبعد انسحابها من لبنان في العام 2000 بفعل ضربات المقاومة، وعدم قدرتها على تحمل المزيد من الخسائر، زرعت شبكات تجسس ناشطة ونائمة تولت مخابرات الجيش اللبناني، والامن العام، وشعبة المعلومات ،وجهاز أمن الدولة ،و" حزب الله " كشف العشرات منها، ويعتقد أن هناك المزيد من الشبكات غير المكتشفة بعد.

وذلك من دون أن تسقط من الذاكرة الاعتداءات التي نفذتها في العامين 1994 و1996 التي لامست تخوم الحرب، وحرب تموز في العام 2006. ويتساءل وزير الخارجية السابق: اذن من هو في حاجة إلى ضمانات لامنه؟ وهل تجوز مساواة الذئب بالحمل؟ ويضيف أن هم الدول الكبرى، ولاسيما الغربية منها أن تكون الدولة العبرية في مأمن بصرف النظر عن إرتكاباتها. وفي غمرة الحديث عن تعديل القرار 1701، وتعديل مهمات " اليونيفل"، فإن الواضح من هذا الطرح أن المستهدف هو " حزب الله"، وليس السلام . وتؤكد مصادر رسمية أن الجانب الأميركي لم يفاتح لبنان رسميا بهذا الموضوع، بل الجانب الفرنسي هو من استمزج رأي المسؤولين اللبنانيين فيه، الذين اعتبروا أن طرحه في هذا التوقيت يبيت امورا مريبة ستكون تداعياتها شديدة الخطورة على الجيش، والسلم في الداخل، خصوصا ان إبعاد مقاومي " حزب الله " إلى ما بعد الليطاني يعني تهجير عشرات آلاف اللبنانيين خارج مناطقهم لأن ليس للحزب فيها وجودا نظاميا كلاسيكيا ،شأن سائر الجيوش النظامية، بل يتحرك بأسلوب تكتيكي تغلب عليه المرونة وسرعة التنقل من مكان إلى آخر ، مما يحمل على الاعتقاد بان سكان هذه المناطق الذين يشكلون بيئة حاضنة للمقاومة سيكونون المستهدفين بهذا الطرح . وهذا يعني - في حال تهجيرهم-التسبب بمشكلة جديدة تضاف إلى سلسلة المشكلات التي يعاني منها لبنان. وتساءل متابعون اذا كان هذا الطرح يخص لبنان فقط ،فإنه يؤكد بروز نية واضحة بتحويل " اليونيفيل" إلى مجرد حرس حدود للكيان العبري، فكيف والحال هذه، للجيش اللبناني أن يقبل بمندرجاته؟

بالتأكيد، بحسب المعطيات المتوافرة، فإنه سيرفض من حيث المبدأ مقاربة الموضوع . ويخلص هؤلاء جازمين بأن المؤسسة العسكرية تعي أبعاد ما يحاك وما ينطوي عليه من محاذير .وذلك بصرف النظر عن موقف " حزب الله" الرافض لذلك بطبيعة الحال. ويقول خبير استراتيجي انه اذا كانت إسرائيل في حاجة إلى التدبير التي تسوق له امميا وغربيا لضمان امنها وسلامها، فماذا سيكون موقفها لو طالب لبنان بتدابير مماثلة في شمال فلسطين المحتلة، اي بنشر قوات من" اليونيفيل" على الجانب آلاخر ، داخل إسرائيل، يترافق مع انسحاب لجيشها بالمساحة نفسها التي تطلب فيها انسحاب مقاومي الحزب، والتعهد بوقف طلعاتها الجوية ودورياتها البحرية وتحرشاتها على الخط الأزرق؟

مما تقدم ،فإن إقتراح تعديل ال1701، وتوسيعه وتعزيز مهمات " اليونيفيل " لن يبصر النور ،ولن يشق طريقه إلى التنفيذ،لانه اذا كان الهدف فعلا الحفاظ على الهدنة واحلال السلام، فإن الحل لا يكون بتبني هذا الطرح.

لأن الذين يعملون عليه ويسوقون له يدركون انه سيكون قنبلة جاهزة للانفجار في اي لحظة.واذا تمكن الساعون اليه من فرضه في لحظة دولية - إقليمية مؤاتية، فإن عليهم توقع تطورات من الصعب إحتمال وطأة تداعياتها، وسيكون أمن لبنان واستقراره ضحيتها الكبرى، من دون أن تجد إسرائيل الأمان الذي تنشده.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني