"الضربة الإيرانية وسعت الشرخ بين نتنياهو وباقي الأقطاب".. ولهذه الأسباب كانت تركيا الوسيط بين طهران وواشنطن
"الضربة الإيرانية وسعت الشرخ بين نتنياهو وباقي الأقطاب".. ولهذه الأسباب كانت تركيا الوسيط بين طهران وواشنطن

خاص - Wednesday, April 17, 2024 4:43:00 PM

تصريحات تصعيدية وتهديدات كثرت وتيرتها في الأيام القليلة الماضية رُسمت على وقعها عدة سيناريوهات لما يمكن أن يكون عليه الرد الاسرائيلي بعدما ردّت إيران على الاستهداف الاسرائيلي لقنصليتها في دمشق.

ولم تأتِ التعليقات على الرد الايراني باتجاه واحد، وهذا ما كان متوقعًا، ذلك أن ثمة من اعتبر أن الردّ حقق الهدف المرجو فيما استخف البعض الآخر بالنتائج المحققة على الرغم من ضخامة هذا الأخير والمتابعة الاعلامية الحثيثة التي كرست له.

وفي كثرة السيناريوهات المطروحة لمستقبل المنطقة كثرة توقعات لما ستحمله الأيام المقبلة من أحداث ستطبع تاريخ المنطقة والعالم، ما بين احتمال يتكلم عن ردّ محدود لاسرائيل وآخر عن رد غير عسكري بل الكتروني وآخر عن احتمال انزلاق المنطقة الى حرب شاملة في ما يبقى الأكيد أن الرد الايراني أرسى ترقبًا ليس فقط اقليميًا بل دوليًا أيضًا واستأثر بالاهتمام سواء من المجتمع الدولي  أو حتى الاعلام العالمي.  

وعن اعتماد إيران على ردّ محدود، أشار رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية وعضو إتحاد الصحفيين الدوليين في بروكسل خالد زين الدين الى أن "إيران والولايات المتحدة ودول العالم المؤثرة أيضًا كروسيا والصين وحتى الدول الأوروبية لا تريد حربًا واسعة لأنها ستشعل المنطقة وتضرب مصالح هذه الأخيرة وتهدد وجودها جميعًا فالرد كان محدودًا من هذا المنطلق لأن إيران أيضًا لا تريد حربا واسعة".

ولفت في حديثٍ لـvdlnews الى أن "رد إيران المحدود كان رسالة بأن لديها القدرة على الرد عند استهدافها مباشرةً أي استهداف القنصلية والتي تعتبر، وفق اتفاقية فيينا، أراضي إيرانية بحتة تابعة إداريًا وأمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا للجمهورية الاسلامية الايرانية".

واعتبر زين الدين أن "إيران كانت لديها القدرة بالرد عبر حلفائها كحزب الله في لبنان والحشد الشعبي العراقي وحزب الله في سوريا والحوثي في اليمن لكنها اختارت الرد مباشرة ومن أراضيها لاعتبارات عدة ومنها أن استهداف أراضيها يجبرها على الرد على أراضي المعتدي من أراضيها".

وشدد على أن "إيران كانت تريد أيضًا إرسال عدة رسائل منها أن قرار الرد لا يخضع لإملاءات وضغوط بل هو مستقل وأيضًا تريد عرض قدراتها ولو بجزء منها، بالاضافة الى تهديد إسرائيل بأنها ترد في العمق وتملك القدرة وأيضًا لتقول بأنها دولة إقليمية كبيرة ومشاركة في قرار المنطقة لأن الشرق الأوسط لديه ثلاث قوى كبرى وهي إسرائيل وتركيا وإيران".

ورأى زين الدين أن "النتائج والاحصاءات التي حصلت بسبب الضربة إن كان سياسيًا أو اقتصاديًا أو عسكريًا تشير الى أن إيران انتصرت معنويًا وأثبتت وجودها والاستخفاف بضربتها أتى من أعدائها وحلفاء الولايات المتحدة".

وأضاف: "على الرغم من التصريحات المتضاربة عن نتائج الضربة، لقد أحدثت هذه الأخيرة هزة كبيرة في أوساط إسرائيل ووسعت الشرخ بين نتنياهو وباقي الاقطاب لأنه الوحيد الذي يريد توسيع الحرب والدليل على ذلك تصريح ناحوم غولدمن، وهو من كبار آباء مؤسسي إسرائيل ومهندس كامب دايفيد، الى  le monde diplomatic"  الفرنسية حيث دعا الى تحويل اسرائيل الى فاتيكان يهودي أو الى كنيس يهودي"، متابعًا: "هذا التصريح من شخص بحجمه يدل على الازمة المستقبلية إزاء الاعتماد على القوة العسكرية الاسرائيلية للمستقبل في الشرق الاوسط ومن هنا نستنتج بأن  الضغوطات الاميركية وحتى اليهودية على نتنياهو هي لتجنب المزيد من التصعيد مما يعرض الجميع للخطر ومنهم ايران أيضًا وإسرائيل وأميركا والدول الأطلسية مما سيعيد خلط الاوراق بالمنطقة ومنها نستنتج بأنه إن قرر نتنياهو الرد فسيكون هذا الأخير أيضًا محدودًا أو لا رد وذلك لعدة اعتبارات".

وقد شرح زين الدين هذه الاعتبارات في حديثٍ لموقعنا، مستهلًا بأن "القارة الاوروبية بحاجة لاستقرار لامدادات النفط والغاز بعد حرب روسيا وأوكرانيا التي حولتها الى قارة عجوز فعليًا وتسببت بانهيارات وبطالة وإفلاس وتضخم، وبالتالي القارة الاوروبية بحاجة لاستقرار للاستثمار وانقاذ اقتصادها ودولها وخاصة مع التهديد الجيوسياسي من حرب اوكرانيا".

واستطرد: "أميركا تريد الاستقرار لأنها تريد العودة عسكريًا بقوة للمنطقة لاسباب عدة، الا وهي مواجهة التمدد الصيني وخاصة التمدد في إسرائيل، بعدما وصل التعاون لأقصى درجاته من استثمارات في السكك الحديدية والموانئ والبنى التحتية والصناعات والتكنولوجيا والاتصالات والقطارات وصولًا للاستيراد والتصدير والذي جعل من الصين ثالث أكبر وجهة للواردات الاسرائيلية بعد أميركا وبريطانيا".

ورأى أن "الاستقرار مهم للولايات المتحدة لاعادة تمركزها وسيطرتها على المنطقة بالاضافة للسيطرة على الامدادات النفطية والممرات البحرية التي تستطيع استخدامها كأوراق ضغط على آسيا وأوروبا".

وذكر أيضًا أن "إيران كذلك لا تريد التصعيد واستفزاز الغرب لأنها بحاجة الى إعادة العلاقات معه ورفع العقوبات الاقتصادية ولعدم تعرضها للمزيد من الحصار والعقوبات عبر منعها من الحصول على التكنولوجيا والمعدات بالاضافة لتسويق بضائعها ونفطها أوروبيًا بالاضافة الى أنها لا تريد صراعًا عسكريًا مع الناتو لأنها تدرك بأنه مكلف جدًا".

وأوضح زين الدين أن "روسيا أيضًا لا تريد توسع الصراع لتمركزها وتمددها في سوريا وهي بحاجة ماسة لاسرائيل، لأن إسرائيل من دون روسيا تتعرض للخطر بالإضافة الى أن أميركا وروسيا بحاجة لتسوية بينهما بما يخص الشرق الاوسط وأوكرانيا".

وفي ما يتعلق بتواتر معلومات مفادها توجيه طهران رسالة الى واشنطن بعد ردها العسكري الأخير عبر تركيا، رأى أن "اختيار تركيا كوسيط يعود أولًا الى أنها الحليفة الأكبر والأوثق لإسرائيل قبل أميركا وهي قاعدة متقدمة وداعمة للاثنين في الشرق، بالاضافة الى أن تركيا دولة إقليمية وعضو كبير في الناتو وتتمتع بعلاقات مع كافة الأطراف وهي شريك اقتصادي لإيران وحليف لها ولروسيا".

ومن الاسباب أيضًا ذكر "تحول تركيا الى مركز عبور والتفاف على العقوبات بعد الحرب الروسية - الاوكرانية فضلًا عن فتح شركات في تركيا للتبادل بين الشرق والغرب الاوروبي وروسيا والاتحاد الاوروبي في المنتجات والصناعات والنفط".

وتابع زين الدين أن "تقديم إيران خدمات كبيرة لاردوغان عند الانقلاب عليه"، يشكل سببًا إضافيًا لاعتماد تركيا كوسيط، مضيفًا أن هذه الأخيرة "تريد أن تكون القوة الكبرى في المنطقة بعد إسرائيل وتعلم أن قوتها لا تتحقق الا بالاقتراب من كافة الاطراف فلذلك اختيرت كوسيطة في المنطقة".

ربما يظل ذلك الانقسام في المجتمع الدولي حول شرعية الرد الايراني ومفاعيله لاسيما في التوقعات المتعلقة بطبيعة الرد الاسرائيلي الى حين يوثق التاريخ هذه التطورات البالغة الاهمية، ذلك أن مصير كل حدث يحصل هو الركون في دائرة التحليلات والترحيبات والاستنكارات وفق معايير تحكم تاريخ المصالح الدولية والعلاقات الجيوسياسية.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني