صور "كنيس" بيروت تحدث جدلا بين متخوف من بداية تطبيع ومرحب بالتنوع الثقافي.. فماذا في الواقع؟
صور "كنيس" بيروت تحدث جدلا بين متخوف من بداية تطبيع ومرحب بالتنوع الثقافي.. فماذا في الواقع؟

خاص - Wednesday, November 25, 2020 8:20:00 PM

باولا عطية

أحدثت صورٌ انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي زاعمة افتتاح كنيس "ماغين أبراهامللطائفة اليهودية في وادي أبو جميل في بيروت، جدلا واسعا بين اللبنانيين، الذين انقسموا بين مشكّك بتوقيت الخطوة المتزامنة مع ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل وموجة التطبيع العربية الإسرائيلية وعقوبات الإدارة الأميركية على لبنان، وبين مؤيد لهذه الخطوة باعتبارها دليلا على التنوع الثقافي والديني في لبنان ورمز حقيقي للعيش المشترك.

 

تاريخ الوجود اليهودي في لبنان

 

يعود تاريخ الوجود اليهودي في لبنان الى أكثر من 1888 سنة، عقب ثورة باركوخبا التي حصلت عام 132م، هرب اليهود من بطش الرومان واستوطنوا بعض المناطق في لبنان. وقد توزعوا إلى مجموعات: واحدة سكنت في عاصمة إمارة الشوف دير القمر، وهناك كُنس مهجورة لليهود في دير القمر شيدت في القرن التاسع عشر وفي عاليه شيدت عام 1889، وبحمدون حيث شيد الكنيس في خمسينات القرن العشرين، وأخرى في صيدا شيد الكنيس فيها سنة 1833 وطرابلس ليتحول إلى مصبغة سنة 1920، والثالثة في بيروت بُني ما بين العامين 1920 و1926 في وادي أبو جميل لتهاجر بعدها النسبة الأكبر من اليهود من لبنان بعد النكبة الفلسطينية عام 1948، وتتوالى موجات الهجرة مع أحداث الحرب الاهلية في لبنان فحرب تموز الـ2006.

 

أما مشاريع إعادة ترميم الكنيس اليهودي في بيروت فانطلقت منذ عام 2009، وبعد انفجار المرفأ تعرض الكنيس لأضرار وخيمة، لتعود وتنطلق مشاريع إعادة ترميمه من جديد. ويتم الافتتاح وعودة الحركة "الخجولة" الى المعبد في 20-11-2020

 

واليوم لا يتعدى عدد اليهود في لبنان الـ100 شخص، وبعضهم يخشى الإعلان عن انتمائه الديني خوفا من الاحكام المسبقة التي كونها بعض اللبنانيين عنه وربطه "بالصهيونية الاسرائيلية"، حتى أنّ البعض الآخر قام بتغيير دياناته وممارسة شعائره الدينية في الخفاء!

 

ليس كل شيعي ينتمي الى إيران ولا كل سني الى السعودية ولا كل يهودي الى إسرائيل!

 

تواصل موقع vdlnews مع أحد المسؤولين في الطائفة اليهودية، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، ليوضح لنا أنّ "ما من افتتاح ولا احتفال جرى كل ما في الامر اننا أعدنا ترميم "الكنيس" بعد الاضرار التي لحقت به جراء انفجار المرفأ، والضجة التي أحدثت غير مبررة.  فنحن لا نتعاطى بالأمور السياسية، وليس لدينا أي ارتباط بإسرائيل كما يزعم البعض!".

وأضاف "هناك يهود في كل الدول العربية، ونحن لبنانيون بالدرجة الأولى وولدنا في لبنان"، لافتا إلى انّ "ليس كل سني ينتمي الى السعودية ولا كل شيعي يتمي الى إيران. فتاريخ الدين اليهودي يعود لأكثر من 5000 سنة. أما إسرائيل فعمرها لا يتخطى الـ60 سنة. حتى في ايران هناك كنس يهودية ومواطنون يهود فهل يعني ان ايران تطبع مع إسرائيل؟".

وعن سبب عدم ظهورهم على الوسائل الإعلامية وتوضيح المسائل العالقة للرأي العام أجاب "ليس عملي ان أثقف الناس! فالبعض منغلق ويرفض الآخر! ونحن طبعا لا نعيش بخوف، بل نمارس حياتنا ونشاطاتنا اليومية بشكل طبيعي".

ونفى المسؤول المعني، "ما تم تداوله في أحد الصحف العربية عن تمويل خارجي بقيمة 2.5 مليون دولار لإعادة الترميم"، مؤكدا ان هذه "الصحيفة تكذب وهي لم تجر أي حديث مع أي مسؤول في الطائفة اليهودية اللبنانية! والتبرعات للترميم جاءت من لبنانيين مسلمين ومسيحيين ويهود".

وعن تمويل شركة "سوليدير" إعادة الاعمار بمبلغ قدره 150 ألف دولار وضّح "هذا التمويل قديم ولم يكن حكرا على الكنيس بل قدمته الشركة لكل المعابد المسيحية والمسلمة واليهودية على حد سواء ".

 

لضرورة التفرقة بين الدين اليهودي والحركة الصهيونية

 

وفي هذا الإطار، ثمّن المحامي والباحث السياسي روجيه كرم خطوة إعادة ترميم الكنيس بعد انفجار بيروت الذي دمّر بعضاً من أجزائه، معتبراً أنها "تصبّ في خانة التأكيد على فكرة التنوّع الثقافي والتعايش بين الأديان في لبنان وعلى الطابع الكوسموبوليتي لمدينة بيروت".

 

وشدّد الباحث في حديث لـvdlnews على "فكرة التفريق بين اليهودية كديانة لها أتباعها المنتشرين في جميع أنحاء العالم ومن بينه لبنان، وبين الصهيونية كحركة سياسية هدفها قيام وطن لليهود في فلسطين".

وأشار إلى أن "الطائفة اليهودية هي من الطوائف الرسمية المعترف بها في لبنان بموجب نظام الطوائف الدينية الصادر بالقرار رقم 60/ل.ر لعام 1936، ولهذه الطائفة تواجد تاريخي في لبنان، إذ استقرّ اليهود فيه منذ العصور التوراتية، كما أن الإنجيل يشير إلى وجود تجمّعات لليهود في صيدا وصور وقانا. ورغم تراجع أعداد اليهود وفرارهم من الدول العربية بعد قيام إسرائيل عام 1948، إلاّ أنه كان لهم حضور فاعل في لبنان لا سيّما في الحياة الاقتصادية وكانوا يرون أنفسهم لبنانيين في المقام الأول ولم يستقبلوا الفكرة الصهيونية بحماسة كبيرة. وقد ساءت أحوال اليهود بعد اندلاع الحرب الأهلية تماماً كما سائر اللبنانيين، حيث اضطّر معظمهم إلى الهجرة ومغادرة البلاد بصورة نهائية".

 

في الختام تجدر الإشارة الى ضرورة التمييز بين أي دين، وبين الحركة السياسية التي تنشأ عنه، فكما نميز بين الدين الإسلامي والإسلام السياسي، علينا أيضا التمييز بين الدين اليهودي والحركة الصهيونية.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني