المرحلة المقبلة قد تستهدف رواتب موظفي القطاعات العامة... خافوا من الأزمة لا من صندوق النقد!
المرحلة المقبلة قد تستهدف رواتب موظفي القطاعات العامة... خافوا من الأزمة لا من صندوق النقد!

خاص - Monday, March 2, 2020 12:59:00 PM

انّ الانهيار الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان ليس وليد الاشهر القليلة الماضية، حتى ولو انّ البعض قد يرى في تحرّك الشارع او ما يُعرف بـ"ثورة 17 تشرين" تسريعا لهذا الانهيار. الّا انّ من يتابع بدقّة الوضع الاقتصادي والمالي في العقد الأخير اقلّه، ومن يدقّق في السياسات الاقتصادية والنقدية المتبّعة يعرف جيّدا انّ لا مفرّ من سقوط لبنان في الهاوية، في ظلّ تعنّت المسؤولين بنفس السياسات من دون ان يحرك احد ساكنا.

الحاصل اليوم يقع على اكتاف الشعب اللبناني، وعلى حكومة جديدة دقّت على صدرها لإخراج لبنان من ازمته. وها هي قد طلبت رسميا من صندوق النقد الدولي مساعدة فنية لوضع خطة لتحقيق الإستقرار في ما يتعلق بالأزمة، من خلال وفد جال على المسؤولين لتبيان حقيقة الوضع عن قرب. لكن لا شيء واضحا حتّى الساعة، غير انّ لبنان متجه الى هيكلة دينه العام. لا قرارات متخذة بشأن اليوروبوندز بعد، ولا خطّة اقتصادية واضحة المعالم.

مصادر مطّلعة على زيارة وفد صندوق النقد الدولي الى لبنان اكّدت لـ"VDLnews" انّ لا مطالب موحّدة تمكّن الوفد من رصدها خلال لقاءاته التي اجراها مع المسؤولين اللبنانيين، مشدّدة على انّ كل فريق وكل مسؤول يغنّي على ليلاه فيما يخصّ الأولويات.

وأمام هذا التخبّط في المسؤوليات، وتحديد الأولويات، شعور الخوف ينتاب اللبنانيين من تدخّل صندوق النقد للمساعدة في حلّ الازمة. فهل حقّا سياسة الصندوق ستستهدف الفقراء؟ وهل تحمي استشارة الصندوق سمعة لبنان في الخارج في حال تخلّف عن دفع مستحقاته؟

استشارة صندوق النقد لا تلزم لبنان بأي شروط

يؤكّد الخبير الاقتصادي والأستاذ المشارك في الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت، جاد شعبان، في حديث لموقع VDLnews انّ "الاستشارة التي طلبها لبنان من صندوق النقد لا تلزمه بأي اجراءات، والمرحلة الثانية من تدخّل صندوق النقد هي عندما تطلب الدولة ذلك". ويرى شعبان في الشروط التي قد يفرضها صندوق النقد في حال ذهبنا الى المرحلة الثانية من المساعدة، انّها ستكون رهن المفاوضات التي ستخوضها الدولة. 

ويعتبر شعبان انّ "حجم حاجة لبنان اليوم تقدّر وفقا لإجراءات وخطوات قد يلجأ اليها، ابرزها اعادة هيكلة الدين"، مشيرا الى انّ "وصفة صندوق النقد ستزيد من نسبة الطبقة الفقيرة، حيث تحدّد معاييرها في خلال المفاوضات".

الحلّ ليس بدفع اليوروبوندز من عدمه

اذا في وضع لبنان اليوم، لا نعرف ما قد تكون الشروط الملزمة من قبل صندوق النقد في حال توجّهنا الى طلب تدخله الى ما هو اكثر من استشارة. 

وفي هذا الاطار يعتبر الخبير المالي مايك عازار انّ "دفع اليوروبوندز أو عدم الدفع ليس الأمر الوحيد الذي يوصل الى الحلّ. فنحن بحاجة الى ان يطّبق لبنان خطة اقتصادية شاملة في اقرب وقت حتى ولو لم نلجأ الى خيار تدخّل صندوق النقد"، مشدّدا على "وجوب العمل لتحرير الليرة اللبنانية على مراحل عدّة، من اجل تنشيط الصادرات المحلية ومكافحة المنافسة التي اصبحت بموجبها البضاعة الاجنبية ارخص".

ويؤكّد عازار في حديثه لـ"VDLnews" انّ "صندوق النقد سيلحظ الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها المصارف اللبنانية ومصرف لبنان، والتي لا بدّ ان تتوزّع على المودعين الكبار، وهذه المشكلة يجب ان تحلّ بأسرع وقت لأنه اذا طالت الفترة، فسنغوص بالأزمة اكثر فأكثر". وتابع: "وسيلاحظ الصندوق بخصوص دين لبنان بالعملة الاجنبية، انّه قد استدان اكبر بكثير من قدرته على دفع هذه الديون فسيشجّع لبنان على اعادة هيكلة ديونه لتخفيفها"، لافتا الى انّ "صندوق النقد قادر على مساعدة لبنان بهذا الموضوع من خلال الدراسات التي يقدّمها، بحيث يمكن للبنان ان يستعملها في مفاوضاته مع الدائنين".

سمعة لبنان ليست مرهونة بما حصل بالماضي بل بالخطوات المستقبلية 

ويُعرب عازار عن مخالفته لمن يقول انّ صيت لبنان سيتضرّر في حال لم ندفع سندات اليوروبوندز، معتبرا أن "صيتنا في كل الاحوال متضرر، لكن اذا استخدم لبنان توصية من صندوق النقد، فقد يخلق نوعا من الثقة للدائن تبعا للخطة الاقتصادية المرهونة بتدخل صندوق النقد والمسبوقة بهيكلة الدين". واضاف: "هنا يمكن ان نتحدث عن الكثير من النماذج مثل اليونان وآيسلاند، والاكوادور، فهذه البلدان اعادت هيكلة دينها ووضعت خطة اقتصادية وعادت للتعامل في الاسواق مع نفس الدائنين وبفوائد اقلّ، لذلك الصيت ليس مرهونا بما حصل بالماضي بل بالخطوات المستقبلية والمتّبعة في الوقت الراهن". 

 هل يدفع موظّفو قطاعات العامّة ثمن تمويل عجز الدولة؟

قد يلجأ لبنان الى طلب السيولة من صندوق النقد وفقا لبرنامج زمني محدّد بـ3 سنوات، مع مساعدات مقدّرة بـ9 مليار دولار كحدّ اقصى. ويشرح عازار انّ "هذه السيولة لن تعطى من اجل تعويض اموال المودعين في المصارف، انّما ستقدّم للدولة من اجل تمويل العجز التجاري". 

ويؤكّد الخبير المالي انّ "حجم هذه المساعدة لن تكفي لبنان، لأن العجز التجاري يتخطّى الـ10 مليار دولار في العام الواحد؛ من هنا قد تلجأ الدولة اليوم الى تخفيف مصاريفها على موظفي القطاعات العامة عبر الاقتطاع من رواتبهم او الغاء بعض الامتيازات، لذلك من المهمّ ان تكون كل خطوة مقرونة بالخطّة الاقتصادية، حتى في حال ازدادت نسبة البطالة وفقا لمثل هذه الاجراءات، يتمكّن الموظف من ان يجد عملا بديلا او ان يتلقّى مساعدات عن طريق الهبات الدولية".

خافوا من الأزمة وليس من صندوق النقد!

يشير عازار في ختام حديثه الى انّ "البعض يخاف من تدخل صندوق النقد الدولي في حال الازمات، وبالتالي اي نتيجة سيعكسها هذا التدخل سيكون سببه الأزمة في الأساس، فلو لن يتدخّل صندوق النقد فستكون النتائج كارثية اكثر من تدخّله"، معتبرا انّ "وصفة الصندوق تختلف بين دولة واخرى تبعا لوضعها وازمتها، وهذه المعادلة توصّل اليها الصندوق بعد تجارب كثيرة كان بعضها سلبيا".

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني