إلى اللقاء في تلك الغربة
إلى اللقاء في تلك الغربة

ناقوس في أحد - تعليق على الاحداث مع رشيد درباس - Sunday, March 31, 2024 9:10:00 PM

النقيب السابق للمحامين في ط رابلس، الوزير السابق رشيد درباس
 
أبدأ بتحيّة رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام على قرار محكمته الذي يشهد لقيامة الحق.. 
فقيامة مجيدة وفصح سعيد..
ولكن شتّان ما بين قيامة السيد المسيح وأيام القيامة التي تعصف ببلاد العرب وتمحو فلسطين عن الخريطة وتدمّر سوريا، وتحوّل لبنان الأخضر إلى مساحات من الفوسفور المعقّم للتربة، والأبنية إلى شواهد بأسماء الشهداء.
أيها الأصدقاء،
كتب الباحث الاقتصادي السياسي الدكتور غسان عياش يوم الأربعاء الماضي في جريدة النهار، مقالاً بعنوان (لبنان في عيون الأميركان) يتحدث فيه عن كتاب الدبلوماسي الأميركي (ديفيد هيل) الذي صدر معرّباً عن دار سائر المشرق بعنوان (الدبلوماسية الأميركية تجاه لبنان- ست محطات)، ولقد لفتني أنّ الدكتور عياش وضع أمام القارىء خلاصات واضحة تبيّن مدى الاهتمام الأميركي بدولة لبنان، مشيراً إلى أن إنشاء الدولة بحسب (هيل) كان بفعل الغرب الكاثوليكي (أي فرنسا والفاتيكان) أما الغرب الحديث وعلى رأسه أميركا، فلا ينظر إليه إلا أنه مجموعة من المشاكل المركّبة، وعقدة طرقات تمرّ بها صراعات الإقليم.
وسلّط الدكتور عياش الضوء على نقطة مهمة ما زالت قيد التداول، وهي زيارة (دين براون) في أوائل الحرب الأهلية، وما قيل عن لسانه بأنّ البواخر الأميركية تنتظر على السواحل لإجلاء المسيحيين اللبنانيين، فأوضح (هيل) أن مجيء (براون) كان من أجل تنسيق الدخول السوري إلى لبنان مع اسرائيل وذلك بقصد صدّ هجمات الفلسطينين واليساريين على المناطق المسيحية، ضمن شروط تمّ وضعها وتمّ تنفيذها بدقّة.
وما عزّز عندي استنتاجات الكاتب الصديق، أنّ (ديفيد هيل) الذي كان سفيراً في لبنان، زارني في وزارة الشؤون الاجتماعية للاطّلاع على أحوال اللاجئين السوريين. وأذكر أنني قلت له إن التدفّق السوري على لبنان من شأنه أن يغرق هذا البلد الصغير والضعيف، واقترحت ان تكون هناك حماية جوية لمناطقهم، وإغاثتهم في أماكن وجودهم، فكان جوابه المشوب بالبرودة (لا نستطيع ان نفعل ذلك من دون قرار من الأمم المتحدة)، مما دعاني لسؤاله هل انتظرتم قراراً من مجلس الأمن للدخول إلى العراق، وهل دخل الروس إلى سوريا بقرار من مجلس الأمن؟
أردت من هذا، الإشارة إلى أن هذا النزف المتسارع من شرايين الدولة، وهذا الدم المتدفق من شهدائها وجرحاها، وهذا الدمار الذي بشّرنا العدو بأنه عيّنة من غزّة، أمور لا تأخذ حيزاً من اهتمام الخارج، ولا تستفزّ همّة، ولاسيّما الدولة العظمى التي تبيع الفلسطينيين وهمًا اسمه الامتناع عن التصويت، وتزيّن اللبنانيين سراباً متمثلاً باللجنة الخماسية.
يا حزب الله.. يا أيها الثنائي الوطني، يا أحزاب القوات والتيار والكتائب والأحرار، يا وساطة رباعية الاعتدال، يا أهل المستقبل أناديكم من عميق الوجدان وأقول:
الهواء مشترك رغم أنوفنا
الماء مشترك رغم حلوقنا
الكهرباء مشتركة رغم ظلامنا
الدستور مشترك رغم تبجّحنا
والليرة المريضة دخلت إلى جسدنا دون تفرقة
والمستشفيات تتقلّص خدماتها على جميعنا
وجوازنا مهان في كل مكان
وإيران توصينا بالصبر الاستراتيجي حتى عيل صبرنا،
والأميركان لا يرون فينا إلا مجموعة مشاكل،
والإطار العربي انفض من حولنا،
والدولة السورية المستهدفة بشراسة معرّضة لمزيد من نزوح أفواج مواطنيها إلينا..
أفلا تستحق كل هذه الحقائق، وقفة مع الذات، ومصالحة وطنية قبل أن تفرض علينا الظروف مثل هذه المصالحة في غربة وبعد فوات الأوان؟ 
إلى اللقاء إذن في تلك الغربة.
 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني